.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيهما : أن يدّعى أنّ المستصحب هو الوجوب النفسي لكن مع المسامحة في موضوعه ، بدعوى كون موضوعه هو المعنى الأعمّ من الواجد للجزء المتعذّر والفاقد له ، فيقال بعد تعذّر بعض الأجزاء : إنّ هذه الأجزاء الباقية كانت واجبة بالوجوب النفسي ، فالأصل بقائها على ما كانت عليه ، لفرض كون الموضوع هو المعنى الأعمّ الذي لا يقدح في صدق بقائه تعذّر بعض الأجزاء.
وهنا وجه الآخر لاستصحاب الوجوب النفسي قد أشار إليه المصنّف رحمهالله مع الوجهين السابقين في الأمر الحادي عشر من تنبيهات مبحث الاستصحاب ، وليطلب تحقيق المقام هناك.
وقد تمنع (*) صحّة التسامح في أمر الاستصحاب من رأس ، لأنّ هذا مبنيّ على القول باعتبار الاستصحاب لأجل دلالة الأخبار عليه ، ولا ريب أنّ المسامحة في مباحث الألفاظ إنّما هو فيما رجعت المسامحة إلى دلالة اللفظ بحسب المادّة أو الهيئة ، بأن كان لفظ الماء مثلا موضوعا بحسب اللغة للصافي منه ، وتسامح العرف في إطلاقه على الكدر منه في الجملة ، وهكذا. ومرجعه إلى كون اللفظ بحسب العرف موضوعا للأعمّ من الواجد لما يعتبر في تحقّق مدلوله اللغوي.
وأمّا لو تشخّص مدلول اللفظ بحسب اللغة والعرف ، وتسامح العرف في بعض مصاديقه العرفيّة ، بأن ثبت كون لفظ الصعيد مثلا موضوعا بحسب العرف واللغة للتراب الخالص مثلا ، فسامح العرف في إطلاقه على الرماد مثلا ، فلا دليل على اعتبار هذه المسامحة. ومن راجع أبواب الفقه وجد مداقّة العلماء في الأحكام أكثر من مداقّة الناس في الذهب والفضّة ، لكونها عندهم أعزّ منهما. فراجع مسألة المسافة في القصر والإتمام والكيل والوزن في الزكاة والخمس ، لإفتائهم بعدم جواز القصر فيما دون ثمانية فراسخ ولو بمقدار شبر ، وإن كان أهل العرف يطلقون الفرسخ على ما كان أقلّ من مقداره المعيّن بخمسين ذراعا ، وكذلك
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة : «المانع بعض مشايخنا. منه».