وفيه : أنّ كون «من» بمعنى الباء مطلقا (١٨٢٥) وبيانيّة في خصوص المقام (١٨٢٦) مخالف للظاهر بعيد (١٨٢٧) ، كما لا يخفى على العارف بأساليب الكلام.
والعجب معارضة هذا الظاهر (١٨٢٨) بلزوم تقييد الشيء ـ بناء على المعنى المشهور (١٨٢٩) ـ بما كان له أجزاء حتّى يصحّ الأمر بإتيان ما استطيع منه ، ثمّ تقييده بصورة تعذّر إتيان جميعه ، ثمّ ارتكاب التخصيص فيه بإخراج ما لا يجري فيه هذه القاعدة اتّفاقا ، كما في كثير من المواضع ؛ إذ لا يخفى أنّ التقييدين الأوّلين يستفادان من قوله (١٨٣٠) : «فأتوا منه ..» ، وظهوره حاكم عليهما. نعم ، إخراج
______________________________________________________
«ما» تحتمل الموصولة والموصوفة والظرفيّة الزمانيّة. وعلى التقادير : يحتمل أن يراد بالاستطاعة معنى القدرة ، ومعنى المشيّة ، كما ذكروه عند الاستدلال بهذه الرواية على دلالة الأمر على الوجوب. وترتقي الأقسام بعد ضرب بعضها في بعض على مائتين وثمان وثمانين قسما.
١٨٢٥. مضافا إلى ما عرفت من أنّ مادّة الإتيان بمعنى الفعل تتعدّى بنفسها لا بالباء ، إلّا بالتوجيه المتقدّم آنفا.
١٨٢٦. لأنّ أخذ كلمة «من» بيانيّة وكلمة «ما» ظرفيّة زمانيّة لا محصّل له إلّا بالتوجيه المتقدّم في الحاشية السابقة.
١٨٢٧. لأنّ الظاهر بحسب المقام كونها للتبعيض.
١٨٢٨. هذا مضافا إلى كون التبعيض معنى مجازيّا لكلمة «من».
١٨٢٩. من كون كلمة «من» للتبعيض.
١٨٣٠. حاصله : أنّ ارتكاب خلاف الظاهر من حيث حمل كلمة «من» على التبعيض ليس مخالفة مغايرة للمخالفة من حيث لزوم التقييدين ، بل هما تابعان لحملها على معنى التبعيض. وإذا فرضنا ظهورها فيه بحسب العرف ـ ولو بمعونة خصوص المقام ـ لا تلزم هنا مخالفة الظاهر أصلا.
وإن شئت قلت : إنّ تعارض الأحوال في كلام وملاحظة المرجّحات النوعيّة