.................................................................................................
______________________________________________________
الميسور ، وعدم سقوطه إلّا باعتبار سقوط حكمه وعدمه بدلالة الاقتضاء. وهذا المعنى لا ينطبق على ما نحن فيه من المركّبات التي تعذّر بعض أجزائها ، لأنّ سقوط الشيء يستلزم ثبوته أوّلا ، والمقصود من إثبات وجوب باقي الأجزاء هو إثبات الوجوب النفسي له. فإذا اريد تطبيق الرواية على ما نحن فيه فلا بدّ أن يقال : إنّ الأجزاء الباقية كانت واجبة عند التمكّن من الكلّ ، فإذا سقط وجوب الكلّ لأجل تعذّره ، لا يسقط وجوب الأجزاء الباقية الميسورة بسبب تعذّره.
وأنت خبير بأنّ الأجزاء الباقية حين التمكّن من الكلّ كانت واجبة بالوجوب الغيري ، وقد ارتفع هذا الوجوب بتعذّر الكلّ ، والمقصود بعد تعذّر الكلّ إثبات الوجوب النفسي لها ، وهو لم يكن ثابتا أوّلا. هذا بخلاف ما لو حملناها على بيان حكم الواجبات النفسيّة المستقلّة كما عرفت.
نعم ، حملها على بيان حكم ما لا يجمعها رابطة ـ كالصلاة والصوم والحجّ مثلا ـ في غاية البعد ، إذ لا يتوهّم أحد سقوط وجوب أحد هذه الواجبات بتعذّر الآخر حتّى يحتاج إلى البيان ، فلا بدّ أن تحمل على بيان حكم الأفراد التي كان كلّ واحد منها واجبا بالوجوب النفسي ، وكانت بينها رابطة توهم سقوط حكم الباقي عند تعذّر بعضها ، مثل قولنا : أكرم العلماء ونحوه ممّا ثبت حكمه بالعموم الاصولي.
فإن قلت : إنّ حملها على هذا المعنى يستلزم خلوّها أيضا من الفائدة ، لاستقلال العقل بعدم سقوط حكم فرد بتعذّر فرد آخر فيما ثبت حكمها بالعموم الاصولي ، فلا بدّ من حملها على المركّبات العقليّة أو الخارجيّة ، لأنّها هي التي ربّما يتوهّم سقوط حكم الباقي بعد تعذّر الكلّ.
قلت : إنّ مجرّد موافقة ظاهر كلام الشارع لحكم العقل وكونه مؤكّدا له لا يوجب صرفه عن ظاهره ، وإلّا لوجب إخراج قوله تعالى : (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) وأمثاله ممّا خرج مخرج حكم العقل من ظاهره ، وهو كما ترى. و