.................................................................................................
______________________________________________________
حيث احتياجه إلى التقدير خلاف الظاهر ، لأنّ السقوط وعدمه في ظاهر الرواية محمولان على نفس المعسور والميسور لا على حكمهما ، ولا حاجة إلى التقدير المذكور ، إذ بدونه يتمّ الاستدلال بها على المقام ، وذلك لأنّه إذا ثبت وجوب فعل على المكلّف يمكن حينئذ دعوى ثبوت هذا الفعل في ذمّته مع تمكّنه منه ولو بنوع من المسامحة العرفيّة ، والمقصود من الرواية أنّ سقوط فعل ثابت في الذمّة بسبب تعذّره لا يصير سببا لسقوط الفعل الميسور ، يعني : أنّ فعل الميسور إذا لم يسقط عند عدم تعسّر شيء فلا يسقط أيضا بسبب تعسّره.
ولا شكّ أنّ هذا الكلام إنّما يقال فيما كان ارتباط وجوب فعل الميسور بالتمكّن من فعل المعسور متحقّقا ثابتا كما فيما نحن فيه ، أو متوهّما كما فيما ذكره المورد من مثال العموم الاصولي ، لارتباط وجوب الأجزاء الباقية فيما نحن فيه بوجوب الكلّ ، لانتفاء وجوب المقدّمة بانتفاء وجوب ذيها. وحيث كان لمتوهّم أن يتوهّم سقوط فعل الباقي بتعسّر الكلّ ، ومثله الكلام في المثال المذكور ، أراد الإمام عليهالسلام دفع هذا التوهّم ، بأنّ فعل الباقي الميسور إذا لم يسقط عند التمكّن من الكلّ فلا يسقط عند تعذّر بعض أجزائه ، لا أنّ حكم الباقي عند التمكّن من الكلّ إذا لم يسقط فلا يسقط عند تعسّر بعض أجزائه ، حتّى يقال : إنّ حكم الباقي عند التمكّن من الكلّ كان هو الوجوب الغيري من باب المقدّمة ، وقد ارتفع هذا الحكم بتعسّر الكلّ يقينا. والوجوب النفسي لم يكن ثابتا له عند التمكّن من الكلّ حتّى لا يسقط بتعذّره ، كما كان هو مبنى المناقشة على ما تقدّم توضيحه.
وممّا ذكرناه يندفع توهّم كون سقوط الفعل عبارة عن سقوط حكمه. نعم ، هما متلازمان ، فتأمّل في المقام ، فإنّه لا يخلو من دقّة بل إشكال. نعم ، يمكن أن يقال في تقريب المقام : إنّ المتّبع في مباحث الألفاظ هو الظهور العرفي ، واعتبار الحقيقة أو قرائن المجاز إنّما هو لأجل مراعاة ذلك ، لعدم كون حمل الألفاظ على معانيها الحقيقيّة عند التجرّد عن القرائن وعلى معانيها المجازيّة عند اكتنافها بها أمرا