فالمراد به عدم سقوط الفعل الميسور بسبب سقوط المعسور يعني : أنّ الفعل الميسور إذا لم يسقط عند عدم تعسّر شىء فلا يسقط بسبب (*) تعسّره. وبعبارة اخرى : ما وجب عند التمكّن من شىء آخر فلا يسقط عند تعذّره. وهذا الكلام إنّما يقال في مقام يكون ارتباط وجوب الشيء بالتمكّن من ذلك الشيء الآخر محقّقا ثابتا من دليله كما في الأمر بالكلّ ، أو متوهّما كما في الأمر بما له عموم أفرادي.
وثانيا : أنّ ما ذكر (١٨٣٤) من عدم سقوط الحكم الثابت للميسور بسبب سقوط الحكم الثابت للمعسور ، كاف في إثبات المطلوب ، بناء على ما ذكرنا في
______________________________________________________
تعبّديّا ورد به الشرع ، بل قد أنكر بعضهم وجود المجاز من رأس. فالمتّبع ظهور الكلام في المعنى المقصود بحسب العرف ، وإن استلزم ذلك ارتكاب نوع مجاز أو مسامحة ، كما في نسبة السقوط إلى المعسور فيما نحن فيه. ولا ريب أنّا لو عرضنا قوله عليهالسلام : «الميسور لا يسقط إلّا بالمعسور» على أهل العرف لا يفهمون منه إلّا عدم سقوط الباقي من أجزاء المركّب بعد تعسّر الكلّ ، فلا ينظر بعد ذلك إلى استلزام هذا المعنى للمجازيّة في بعض مفردات هذا الكلام أو المسامحة في النسبة ، فتدبّر.
١٨٣٤. حاصله ـ بعد تسليم كون المراد من الرواية نفي الملازمة بين سقوط حكم موضوع معسور ، وسقوط حكم موضوع ميسور ـ أنّ هذا المعنى كاف في إثبات المطلوب ، لأنّ أهل العرف لا يفرّقون بين الوجوب النفسي والغيري ، كما تقدّم في توجيه الاستصحاب.
فنقول : إنّ الأجزاء الباقية حين التمكّن من الكلّ وإن كانت واجبة بالوجوب الغيري مقدّمة لوجوب الكلّ ، إلّا أنّ أهل العرف بعد تعسّر بعض أجزائه يقولون : إنّ هذه الأجزاء الباقية كانت واجبة حين التمكّن من الكلّ ، ويزعمون بقاء هذا الوجوب بعد تعسّر بعض أجزائه من دون التفات منهم إلى أنّ الموجود حين التمكّن من الكلّ هو الوجوب الغيري ، والمقصود بالإثبات بعد تعذّر بعض أجزائه
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «بسبب» ، عند.