توجيه الاستصحاب من أنّ أهل العرف يتسامحون فيعبّرون عن وجوب باقي الأجزاء بعد تعذّر غيرها من الأجزاء ببقاء وجوبها ، وعن عدم وجوبها بارتفاع وجوبها وسقوطه ؛ لعدم مداقّتهم في كون الوجوب الثابت سابقا غيريّا وهذا الوجوب الذي يتكلّم في ثبوته وعدمه نفسي فلا يصدق على ثبوته البقاء ، ولا على عدمه السقوط والارتفاع. فكما يصدق هذه الرواية لو شكّ ـ بعد ورود الأمر بإكرام العلماء بالاستغراق الأفرادي ـ في ثبوت حكم إكرام البعض الممكن الإكرام وسقوطه بسقوط حكم إكرام من يتعذّر إكرامه ، كذلك يصدق لو شكّ بعد الأمر بالمركّب في وجوب باقي الأجزاء بعد تعذّر بعضه ، كما لا يخفى.
______________________________________________________
هو الوجوب النفسي ، ولذا يعبّرون عن وجوب الباقي بعد تعسّر بعض أجزائه بالبقاء ، وعن عدمه بالسقوط والارتفاع ، مع أنّ الأوّل عند الدقّة موقوف على كون الثابت في الزمان الثاني عين الموجود في الزمان الأوّل ، والثاني على كون المرتفع في الزمان الثاني هو الموجود في الزمان الأوّل ، وليس كذلك ، لأنّ الموجود في الزمان الأوّل هو الوجوب الغيري ، وفي الزمان الثاني هو الوجوب النفسي ، وكذلك المرتفع في الزمان الثاني هو الوجوب النفسي ، والموجود في الزمان الأوّل هو الوجوب الغيري.
وبعد هذه المسامحة يندفع ما تقدّم في توضيح المناقشة المتقدّمة من أنّ صدق السقوط وعدمه فرع كون الساقط هو الوجود أوّلا ، وهو غير صادق فيما نحن فيه ، لأنّ ما حكم بثبوته للأجزاء الباقية بعد تعسّر الكلّ هو الوجوب النفسي ، وما كان ثابتا له حين التمكّن من الكلّ هو الوجوب الغيري. ووجه الاندفاع واضح ممّا ذكرناه.
هذا كلّه فيما كان المتسامح فيه هو الوجوب. وأمّا إذا كان موضوعه بأخذه أعمّ من الواجد لجميع الأجزاء والفاقد لبعضها ، حتّى يكون الباقي بعد تعسّر الكلّ هو الوجوب النفسي للأجزاء الباقية ، فالأمر أظهر ، كما يظهر ممّا ذكرناه هنا وما تقدّم في توجيه الاستصحاب.