ودعوى : أنّه من المقيّد ، لكن لما كان الأمر الوارد بالمقيّد مستقلا فيختصّ بحال التمكّن ويسقط حال الضرورة ، وتبقى المطلقات (١٨٥٢) غير مقيّدة بالنسبة إلى الفاقد. مدفوعة : بأنّ الأمر في هذا المقيّد للإرشاد وبيان الاشتراط ، فلا يسقط بالتعذّر ، وليس مسوقا لبيان التكليف ؛ إذ التكليف المتصوّر هنا هو التكليف المقدّمي ؛ لأنّ جعل السدر في الماء مقدّمة للغسل بماء السدر المفروض فيه عدم التركيب الخارجي ، لا جزء خارجي له حتّى يسقط (١٨٥٣) عند التعذّر ، فتقييده بحال التمكّن ناش من تقييد وجوب ذيها ، فلا معنى لإطلاق أحدهما وتقييد الآخر ، كما لا يخفى على المتأمّل.
ويمكن أن يستدلّ على عدم سقوط المشروط بتعذّر شرطه برواية عبد الأعلى مولى آل سام ، قال : «قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : عثرت فانقطع ظفري فجعلت على اصبعي مرارة ، فكيف أصنع بالوضوء؟ قال : يعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عزوجل : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ،) امسح عليه» (٢٠). فإنّ معرفة حكم المسألة (١٨٥٤) ـ أعني المسح على المرارة من آية نفي الحرج ـ متوقّفة على كون تعسّر الشرط غير موجب لسقوط المشروط ، بأن يكون المنفي ـ بسبب الحرج ـ مباشرة اليد الماسحة للرجل الممسوحة ، ولا ينتفي بانتفائه أصل المسح المستفاد وجوبه من آية الوضوء ؛ إذ لو كان سقوط المعسور وهي المباشرة موجبا لسقوط أصل المسح ، لم يمكن معرفة وجوب المسح على المرارة من مجرّد نفي الحرج ؛ لأنّ نفي الحرج يدلّ على سقوط المسح في هذا الوضوء رأسا ، فيحتاج وجوب المسح على المرارة إلى دليل خاصّ خارجي.
______________________________________________________
الأمر بالمشروط ، فلا وجه لاعتبار إطلاق أحدهما وتقيّد الآخر.
١٨٥٢. أي : مطلقات الأمر بغسل الميّت ثلاث مرّات.
١٨٥٣. أي : الجزء المتعذّر ، ويبقى ما دلّ على اعتبار غيره على إطلاقه.
١٨٥٤. لا يذهب عليك أنّ الخبر يحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مراد السائل السؤال عن وجوب أصل المسح ، بأن كان