.................................................................................................
______________________________________________________
الطهارة حراما كذلك ، ففيه ما عرفت من عدم منافاة الحرمة التشريعيّة للاحتياط ، فيجب التوضّؤ حينئذ من كلّ منهما ، لاراقتهما والتيمّم بعدها. ولا ينافيه قصد القربة بكلّ منهما ، لصحّة أن ينوي التقرّب بما هو صحيح واقع بالطاهر في الواقع ، بأن ينوي عند كلّ وضوء أنّي أتوضّأ تقرّبا بهذا أو بما توضّأت أو أتوضّأ بعد إلى الله تعالى.
فإن قلت : إنّ التوضّؤ بهما مستلزم لتنجّس البدن لا محالة ، فتبطل الصلاة حينئذ من هذه الجهة.
قلت : يمكن التخلّص عنه بالصلاة بعد كلّ وضوء مع غسل أعضاء الوضوء من الإناء الثاني قبل التوضّؤ منه ، للقطع بحصول وضوء صحيح وصلاة مع الطهارة الواقعيّة حينئذ لا محالة ، كما حكي عن العلّامة في المنتهى. مع أنّه يمكن أن يقال بعدم الحاجة إلى تكرار الصلاة حينئذ ، للقطع بورود نجاسة ومطهّر عليه ، والشكّ إنّما هو في المتأخّر منهما ، ومع تعارض أصالتي التأخّر تبقى قاعدة الطهارة بلا معارض ، كما أشار إليه العلّامة الطباطبائي في منظومته :
وإن تعاقبا على رفع الحدث |
|
لم يرتفع وليس هكذا الخبث |
فيحكم بصحّة الصلاة الواقعة بعدهما.
نعم ، يرد عليه أنّ القطع حينئذ حاصل بحصول تنجّس بدنه وورود المطهّر عليه ، وكذا القطع حاصل بتأثير التنجّس ، لأنّه إن كان قبل ورود المطهّر فهو رافع للطهارة السابقة ، وإن كان بعد ورود المطهّر فهو واضح ، بخلاف ورود المطهّر ، لعدم العلم بتأثيره ، لاحتمال وروده قبل ورود النجس عليه ، وحينئذ تستصحب النجاسة اليقينيّة ، وهو حاكم على قاعدة الطهارة ، ولا يعارضه استصحاب الطهارة الحاصلة قبل ورود المطهّر والمنجّس ، للعلم بارتفاعه بورود المنجّس عليها.
وهذا الوجه وإن حكي عن جماعة من المتأخّرين ، إلّا أنّه يمكن التخلّص عنه أيضا فيما كانت أعضاء الوضوء متنجّسة أوّلا أو أريق من ماء الإنائين في ثالث ، و