ولو كان على خلافه دليل اجتهادي بالنسبة إليه ، فإنّ قيام الخبر الصحيح على عدم وجوب شيء لا يمنع من الاحتياط فيه ؛ لعموم أدلّة رجحان الاحتياط (١٨٧٠) ، غاية الأمر عدم وجوب الاحتياط. وهذا ممّا لا خلاف فيه ولا إشكال.
إنّما الكلام يقع في بعض الموارد من جهة تحقّق موضوع الاحتياط وإحراز الواقع ، كما في العبادات المتوقّفة صحّتها على نيّة الوجه ، فإنّ المشهور أنّ الاحتياط فيها غير متحقّق إلّا بعد فحص المجتهد عن الطرق الشرعيّة المثبتة (*) لوجه الفعل ، و
______________________________________________________
عدمه. وعلى تقدير إمكانه : إمّا بعد الفحص أو قبله. وعلى الأخير : إمّا أن لا نقول باعتبار قصد الوجه أو نقول به. وهو فيما عدا الأخير غير مشروط بشيء أصلا ، لعدم اعتبار قصد الوجه في التوصّليات ولا في التعبّديات مع عدم إمكان الفحص معه أو بعده ، وهو واضح. وأمّا الأخير فالفحص فيه شرط في تحقّق موضوعه لا في جواز العمل به.
١٨٧٠. لأنّ حسن الاحتياط في جميع موارده ناش من القطع بإحراز الواقع به وعدمه بدونه ، ولا يرتفع موضوعه إلّا مع العلم بالواقع تفصيلا ، ولا ريب أنّ الأدلّة الاجتهاديّة لا ترفع احتمال مخالفة العمل بمؤدّاها للواقع.
فإن قلت : نعم ، إلّا أنّ أدلّة اعتبارها تفيد تنزيل مؤدّياتها منزلة الواقع وترتيب جميع آثار الواقع عليها ، فكما لا يجوز الاحتياط مع العلم بالواقع تفصيلا ، كذلك مع قيام الأدلّة الاجتهاديّة على حكم في مورد.
قلت : نعم ، إلّا أنّ مقتضى أدلّة اعتبارها ترتيب الآثار الشرعيّة المرتّبة على الواقع على مؤدّياتها ، وعدم جواز الاحتياط مع العلم بالواقع تفصيلا إنّما هو من الآثار العقليّة المرتّبة على العلم بالواقع ، لما عرفت من ارتفاع موضوعه حينئذ. ومن هنا يندفع ما قيل في عدم جواز إيقاع العقد على المطلّقة الرجعيّة ، من أنّه كما لا يجوز العقد على المعقودة ، كذلك المطلّقة الرجعيّة ، لأنّها في حكمها ، فيثبت لها
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «المثبتة» ، المبيّنة.