.................................................................................................
______________________________________________________
هو الحكم بالصحّة. ولذا يحكم بصحّة عبادات المماطل في أداء الدين مع مطالبة المدين ، إذا سافر فرارا عنه بحيث لا يقدر على أدائه في السفر ، لأنّ المماطلة وإن كانت منهيّا عنها مع المطالبة وبقاء القدرة على الأداء ، إلّا أنّه مع ارتفاع النهي بسبب عدم القدرة يحكم بصحّة عباداته مع بقاء أثر النهي. وكذا يحكم بصحّة زيارة من زار الحسين عليهالسلام ، أو اشتغل بعبادة اخرى في يوم عرفة في البلاد النائية ، مع تركه حجّة الإسلام مع الاستطاعة ، وهكذا.
وبالجملة ، إنّ الأمر بأداء الدين والحجّ على القول بدلالة الأمر بالشيء على النهي عن ضدّه ، وإن دلّ على النهي عمّا يضادّهما من العبادات ، إلّا أنّه إذا تعذّر امتثال النهي لأجل ارتفاع الأمر بتعذّر الأداء والإتيان بأفعال الحجّ يحكم بصحّة ما يضادّهما من العبادات ، كما عرفت.
وإذا عرفت هذا نقول : إنّ المصنّف رحمهالله قد صرّح أوّلا بكون حكم المشهور ببطلان عبادة الجاهل المقصّر غير الملتفت مبنيّا على عدم جواز اجتماع الأمر والنهي ، لأجل إطلاقهم القول بأنّ الجاهل كالعامد ، ثمّ اعتذر عنه باستناد البطلان فيما حكموا به فيه إلى عدم جواز اجتماع المبغوضيّة مع الأمر بعد ارتفاع النهي ، ثمّ صرّح أوّلا ببطلان هذه الطريقة ، ثمّ ناقضها بتصريحهم بالصحّة في مسألة المتوسّط في أرض مغصوبة ، ثمّ أجاب عن النقض ببيان الفارق بينهما ، وهو بقاء الاختيار فيما نحن فيه ، وعدم إمكان امتثال النهي في مسألة التوسّط في أرض مغصوبة ، وقد عرفت وجه البطلان.
ولكنّك خبير بأنّ الاعتذار غير عامّ ، والبطلان غير متّجه ، والنقض غير وارد ، والجواب غير صالح للفرق.
أمّا الأوّل فلأنّ حكم المشهور ببطلان عبادة الجاهل المقصّر يشمل ما لو عجز عن الفحص ، وكان ملتفتا إلى الواقع ، ومتمكّنا من امتثاله بالاحتياط. ولا ريب أنّ البطلان فيه مستند إلى عدم جواز اجتماع الأمر والنهي ، لا إلى ما ذكر في الاعتذار.