.................................................................................................
______________________________________________________
والمبغوضيّة الحاصلتين من إنشاء الأمر والنهي في نظر أهل العرف ، فإنّه يقال بعد الأمر : إنّ هذا الفعل مطلوب للمولى ، وبعد النهي : إنّه مبغوض له. وهو حاصل فيما نحن فيه أيضا بالفرض ، لأنّه بعد ارتفاع النهي السابق لا تجتمع المبغوضيّة الباقية بعده مع الأمر أو المطلوبيّة الحاصلة منه ، وإن كان المناط فيه عدم اجتماع إرادة الفعل والترك الكاشف عنها الأمر والنهي وأنّها قابلة للبقاء والدوام ، فكذلك ما نحن فيه ، لفرض بقاء الكراهة فيه أيضا ، فهي لا تجتمع مع الأمر.
وثانيها : أنّه لو لم نقل بالبطلان فيما نحن فيه ، نظرا إلى ارتفاع النهي السابق ، لعدم القدرة على امتثاله ، فلا بدّ من القول بعدم دلالة النهي على الفساد في جميع موارده ، لأنّ المقدور من الأفعال مقدّماتها دون أنفسها ، ولذا قيل : إنّ الفعل ما لم يجب لم يوجد وما لم يمتنع لم ينعدم ، فهو قبل إيجاد مقدّماته ممتنع وبعده واجب ، والنهي عن الفعل المقدور باعتبار مقدّماته لا يمكن بقائه إلى زمان نفس الفعل ، لما عرفت من وجوبه بعد إيجاد مقدّماته ، فلا بدّ أن يكون الباقي بعده أثره وهي المبغوضيّة ، فلا بدّ أن يكون الفساد مستندا إليه.
وثالثها : أنّهم قد صرّحوا بعدم جواز النسخ قبل زمان العمل. والوجه فيه : أنّ الشارع إذا أمر بشيء ثمّ نسخه قبل زمان العمل به ، لزم إمّا حصول البداء لله تعالى ، أو اجتماع المطلوبيّة مع خلافها ، واللازمان كلاهما باطلان ، ولو لم يكن أثر النهي ـ أعني : المبغوضيّة ـ مضادّا للأمر فيما نحن فيه لم يبق لعدم جواز النسخ قبل زمان العمل وجه.
هذا ، وتحقيق المقام أن يقال : إنّ ارتفاع النهي إن كان بسبب ارتفاع القدرة عن الفعل كما في مثال رمي المكلّف نفسه من شاهق ، فالأقوى بطلان العبادة ، لأنّ الفعل الاضطراري كما لا يصحّ أن يكون متعلّقا للنهي ، كذلك لا يصحّ أن يكون متعلّقا للأمر ، فلا يصحّ أن يقصد الغسل في حال السقوط في المثال. وإن كان بسبب امتناع امتثال النهي مع بقاء القدرة على الفعل بعد ارتفاع النهي ، فالأظهر