للحكم بوجوب الاجتناب مع العلم التفصيلي بالحرام ، فإذا علم بحبّة أرز محرّمة أو نجسة في ألف حبّة ، والمفروض أنّ تناول ألف حبّة من الأرز في العادة بعشر لقمات ، فالحرام مردّد بين عشرة محتملات ، لا ألف محتمل ؛ لأنّ كلّ لقمة يكون فيها الحبّة حرام أخذها ؛ لاشتمالها على مال الغير أو مضغها ؛ لكونه مضغا للنجس ، فكأنّه علم إجمالا بحرمة واحدة من عشر لقمات. نعم ، لو اتّفق تناول الحبوب في مقام يكون تناول كلّ حبّة واقعة مستقلّة كان له حكم غير المحصور.
وهذا غاية ما ذكروا أو يمكن أن يذكر في ضابط المحصور وغيره ، ومع ذلك فلم يحصل للنفس وثوق بشيء منها. فالأولى : الرجوع في موارد الشكّ إلى حكم العقلاء بوجوب مراعاة العلم الإجمالي الموجود في ذلك المورد ؛ فإنّ قوله : «اجتنب عن الخمر» لا فرق في دلالته على تنجّز التكليف بالاجتناب عن الخمر بين الخمر المعلوم المردّد بين امور محصورة وبين الموجود المردّد بين امور غير محصورة ، غاية الأمر قيام الدليل في غير المحصورة على اكتفاء الشارع عن الحرام الواقعي ببعض محتملاته ، كما تقدّم سابقا.
فإذا شك في كون الشبهة محصورة أو غير محصورة ، شكّ في قيام الدليل على قيام بعض المحتملات مقام الحرام الواقعي في الاكتفاء عن امتثاله بترك ذلك البعض ، فيجب ترك جميع المحتملات ؛ لعدم الأمن من الوقوع في العقاب بارتكاب البعض.
الثالث : إذا كان المردّد بين الامور الغير المحصورة أفرادا كثيرة نسبة مجموعها إلى المشتبهات كنسبة الشيء إلى الامور المحصورة ، كما إذا علم بوجود خمسمائة شاة محرّمة في ألف وخمسمائة شاة ، فإنّ نسبة مجموع المحرّمات إلى المشتبهات كنسبة الواحد إلى الثلاثة ، فالظاهر أنّه ملحق (١٥٩٢) بالشبهة المحصورة لأنّ الأمر
______________________________________________________
في زمان قصير هو عدّ هذه الوقائع المحتملة ، وحينئذ لا يرد عليه ما تقدّم من المصنّف رحمهالله من النقض بأوقية من طعام تبلغ ألف حبّة ، فتدبّر.
١٥٩٢. يعني : حكما ، وإن كان ملحقا بغير المحصور موضوعا. ولا يخفى أنّ دعوى لحوقه موضوعا بالمحصور أو غيره فرع وجود ضابط في التمييز بينهما ، و