وقد ذكرنا أنّ المعلوم بالإجمال قد يؤثّر مع قلّة الاحتمال ما لا يؤثّر مع الانتشار وكثرة الاحتمال ، كما قلناه في سبّ واحد مردّد بين اثنين أو ثلاثة ، و (*) مردّد بين أهل بلدة. ونحوه ما إذا علم (١٥٩٠) إجمالا بوجود بعض القرائن الصارفة المختفية لبعض ظواهر الكتاب والسنّة أو حصول النقل في بعض الألفاظ إلى غير ذلك من الموارد التي لا يعتنى فيها بالعلوم الإجماليّة المترتّب عليها الآثار المتعلّقة بالمعاش والمعاد في كلّ مقام.
وليعلم أنّ العبرة في المحتملات كثرة وقلّة بالوقائع التي تقع (١٥٩١) موردا
______________________________________________________
١٥٩٠. عليه يكون وجوب الفحص في العمل بالظواهر إمّا لأجل كون الشبهة فيها من قبيل الكثير في الكثير أو من قبيل المحصور. وعلى تقدير كونها من قبيل غير المحصور يمكن الفرق بينها وبين غيرها من موارد غير المحصور ، بأنّ اعتبار الظواهر من باب الظهور النوعي ، وهذا الظهور يسقط بالعلم الإجمالي بوجود صارف عن بعضها مختف عنّا وإن كانت الشبهة غير محصورة ، بخلاف الأواني الغير المحصورة التي علم بنجاسة بعضها ، لأنّ المانع من إجراء أصالة الطهارة فيها هو العلم الإجمالي بنجاسة بعضها ، ومع عدم الاعتداد به لأجل اتّساع دائرة الشبهة يرتفع المانع من إجراء الأصل. اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ العلم الإجمالي الذي لا يعتنى به عند العقلاء لا يصدم في الظهورات العرفيّة أيضا مطلقا. ولعلّه في بعض الموارد لا يخلو من تأمّل إلّا أن يبلغ اتّساع دائرة العلم الإجمالي إلى حيث يعدّ وجوده فيه كالعدم.
وبالجملة ، إنّ مدار الظواهر على الظهور النوعي عرفا ، فإن بقي هذا الظهور مع العلم الإجمالي المذكور فهو ، وإلّا فلا اعتداد بمثله ، سواء كان العلم الإجمالي في مورده معتنى به عند العقلاء أم لا.
١٥٩١. غير خفيّ أنّ مراد من جعل ضابط غير المحصور عسر العدّ مطلقا أو
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «و» ، أو.