وقال كاشف اللثام (١٥٨٨) في مسألة المكان المشتبه بالنجس : لعلّ الضابط أنّ ما يؤدّي اجتنابه إلى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور ، كما أنّ اجتناب شاة أو امرأة مشتبهة في صقع من الأرض يؤدّي إلى الترك غالبا (٧) ، انتهى. واستصوبه في مفتاح الكرامة. وفيه : ما لا يخفى من عدم الضبط.
ويمكن أن يقال (١٥٨٩) بملاحظة ما ذكرنا في الوجه الخامس : إنّ غير المحصور ما بلغ كثرة الوقائع المحتملة للتحريم إلى حيث لا يعتني العقلاء بالعلم الإجمالي الحاصل فيها ؛ ألا ترى أنّه لو نهى المولى عبده عن المعاملة مع زيد فعامل العبد مع واحد من أهل قرية كبيرة يعلم بوجود زيد فيها ، لم يكن ملوما وإن صادف زيدا؟
______________________________________________________
١٥٨٨. يقرب منه ما حكي عن بعضهم من جعل الضابط لزوم العسر في الاجتناب وعدمه ، فما يلزم من اجتنابه عسر فهو غير محصور ، وما [لا](*) يلزم فيه ذلك فهو محصور. وأورد عليه بكون الضابط غير حاصر ، إذ ربّ مورد من موارد غير المحصور لا يلزم من الاجتناب فيه عسر ، كما إذا اشتبه إناء في أواني بلد يمكن للمكلّف التحرّز عنها من دون عسر ولو بالسكنى في مكان آخر.
وربّما يجعل المرجع فيه العرف من دون اعتبار عسر عدّه مطلقا أو في زمان قصير. وهو حسن إن كان عنوان المحصور وغير المحصور واردين في الكتاب والسّنة. وقد تقدّم الكلام فيه.
١٥٨٩. لا يذهب عليك أنّ مقتضى هذا الوجه جواز المخالفة القطعيّة ، وهو غير مرضيّ عند المصنّف رحمهالله ، وقد تقدّم تصريحه بالتأمّل فيه. مع أنّ هذا الضابط أيضا لا يزيد إلّا التحيّر في موارد الشكّ ، لأنّه كثيرا ما يشكّ في بلوغ أطراف الشبهة إلى حيث لا يعتنى بالعلم الإجمالي فيها عند العقلاء وعدمه ، كما صرّح به في الإحالة إلى العرف وضبطه بعسر العدّ بزمان قصير.
__________________
(*) سقط ما بين المعقوفتين من الطبعة الحجريّة ، وإنّما أضفناه ليستقيم المعني.