ويمكن أن يلتزم حينئذ باستحقاق العقاب على ترك تعلّم التكاليف ، الواجب مقدّمة ، وإن كانت مشروطة بشروط مفقودة حين الالتفات إلى ما يعلمه إجمالا من الواجبات المطلقة والمشروطة ؛ لاستقرار بناء العقلاء في مثال الطومار المتقدّم على عدم الفرق في المذمّة على ترك التكاليف المسطورة فيه بين المطلقة والمشروطة ، فتأمّل. هذا خلاصة الكلام (١٩٠٨) بالنسبة إلى عقاب الجاهل التارك للفحص العامل بما يطابق البراءة.
______________________________________________________
وأمّا ما ذكره من مثال الطومار فيمكن أن يمنع كون الذمّ فيه لتفويت الواجبات المشروطة قبل زمان تحقّق شرط وجوبها ، كما يظهر ممّا ذكرناه. ولعلّه إلى ما ذكرناه أشار المصنّف رحمهالله بالأمر بالتأمّل.
١٩٠٨. اعلم أنّه قد بقي الكلام في عقاب الجاهل القاصر ، ولم يتعرّض له المصنّف رحمهالله ، ولعلّه لقلّة وجوده في الخارج. والكلام فيه أيضا في عمله تارة من حيث العقاب ، واخرى من حيث الصحّة والفساد ، فالكلام فيه في مقامين.
أمّا المقام الأوّل فاعلم أنّ القصور تارة ينشأ من عدم تحصيل المكلّف حظّا من العلم يتمكّن به من استعلام الأحكام عن أدلّتها واخرى من جهة سنوح العوارض الخارجة ، وإن كان ذا ملكة قدسيّة يقتدر بها على استعلامها إن لم تسنح هذه السوانح ، كالمرض أو الحبس المانعين من الفحص ، أو عدم وجود كتب الأخبار والاستدلال عنده ، ونحو ذلك. أمّا الأوّل فوظيفته التقليد بلا إشكال.
وأمّا الثاني فهل يجوز له العمل على طبق البراءة ، لعموم أدلّتها بعد فرض عجزه عن الفحص ، أو يجب عليه العمل بالاصول الجارية في الموارد الشخصيّة ، أو يجب عليه الاحتياط بالأخذ بأوثق الاحتمالات ، لعلمه إجمالا بالأحكام الواقعيّة ، فيرجع شكّه إلى الشكّ في المكلّف به دون التكليف ، أو يجب عليه تقليد مجتهد حيّ عالم بالأحكام ، لعموم أدلّة وجوب رجوع الجاهل إلى العالم ، وإن كان متمكّنا من استعلام الأحكام لو لا سنوح السوانح الخارجة؟ وجوه أوجهها الأخير.