فنقول ـ بعد الإغماض عمّا هو التحقيق (١٩١٦) عندنا تبعا للمحقّقين من أنّ التسبيبات الشرعيّة راجعة إلى تكاليف شرعيّة ـ : إنّ الأحكام الوضعيّة على القول بتأصّلها هي الامور الواقعيّة المجعولة (١٩١٧) للشارع ، نظير الامور الخارجيّة الغير المجعولة كحياة زيد وموت عمرو ، ولكنّ الطريق إلى تلك المجعولات كغيرها قد يكون هو العلم وقد يكون هو الظنّ الاجتهادي أو التقليد ، وكلّ واحد من الطرق قد يحصل قبل وجود ذي الأثر وقد يحصل معه وقد يحصل بعده. ولا فرق بينهما في أنّه بعد حصول الطريق يجب ترتيب الأثر على ذي الأثر من حين حصوله.
______________________________________________________
١٩١٦. سيحقّقه في مبحث الاستصحاب.
١٩١٧. توضيح المقام : أنّه غير خفي على ذوي الألباب أنّ سببيّة الأسباب الخارجة ـ كتأثير الحرارة والبرودة في الحاسّة ونحوهما ـ تابعة على كيفيّة وجوداتها التكوينيّة ، من حيث اقتضائها للتأثير مطلقا أو في حال دون اخرى ، على حسب استجماعها لشرائط التأثير وعدم المانع منه وعدمهما. وإذا ثبتت سببيّة شيء لشيء إمّا مطلقا أو في الجملة ، فكما أنّ تأثير هذا الشيء تابع على وجوده الواقع ، سواء كان معلوما أم مظنونا أم مشكوكا فيه ، كذلك الأسباب الشرعيّة ، فإنّها وإن كانت قابلة لجعلها سببا في حال دون اخرى ، كتأثير عقد النكاح في إحداث علاقة الزوجيّة مع كون الصيغة عربيّة لا فارسيّة ، إلّا أنّه إذا ثبتت السببيّة مطلقا أو في الجملة لا تختلف الحال في تأثيرها بين كون وجود السبب معلوما أو مظنونا أو مشكوكا فيه ، فلا يشترط تأثيره بقيام طريق عقلي أو شرعيّ عليه وإن كان قابلا لذلك ، وذلك لأنّ الطريق المثبت له إمّا هو الطريق العقلي ـ أعني : القطع مطلقا ، والظنّ عند الانسداد الأغلبي بناء على اعتباره من باب الحكومة دون الكشف ـ أو الطريق الشرعيّ المخصوص كالظنون الخاصّة.
أمّا الأوّل فواضح ، لعدم اعتبار شيء في حجيّة القطع ـ وكذا الظنّ عند الانسداد ـ سوى الكشف عن الواقع. فلا يفرّق في اعتبار مؤدّاهما فيما تعلّقا بصحّة