وأمّا الثلاث الأخر وهي ما إذا اشتبه الحرام بغير الواجب ؛ لاشتباه الحكم من جهة عدم النصّ أو إجمال النصّ أو تعارض النصّين ، فحكمها يظهر ممّا ذكرنا (١٥٩٤) في الشبهة المحصورة (*). لكن أكثر ما يوجد من هذه الأقسام الثلاثة هو القسم الثاني ، كما إذا تردّد الغناء (١٥٩٥) المحرّم بين مفهومين بينهما عموم من وجه (١٥٩٦) ، فإنّ مادّتي الافتراق من هذا القسم. ومثل ما إذا ثبت بالدليل حرمة الأذان الثالث (١٥٩٧)
______________________________________________________
١٥٩٤. في إطلاقه نظر من وجهين ، أحدهما : أنّ من الشبهات الحكميّة أيضا قد تفرض غير محصورة ، اللهمّ إلّا أن يكون نظره إلى عدم وجوده في الخارج. وثانيهما : أنّ مختار المصنّف رحمهالله في تعارض النصّين هو التخيير دون الاحتياط. اللهمّ إلّا أن يكون نظره إلى مقتضى القاعدة مع قطع النظر عن دليل وارد أو حاكم عليها من الأخبار أو غيرها.
١٥٩٥. كما إذا فسّر الغناء تارة بالصوت المطرب ، واخرى بالصوت مع الترجيع ، فمجمع القيدين خارج ممّا نحن فيه ، للعلم بحرمته يقينا ، ومادّتا الافتراق من قبيل ما علم إجمالا بحرمة أحد العنوانين كما في ما نحن فيه.
١٥٩٦. إنّما خصّ المثال بالعموم من وجه لخروج العموم والخصوص مطلقا من محلّ الكلام ، لانحلال العلم الإجمالي فيه على علم تفصيلي وشكّ بدوي ، كما سيصرّح به.
١٥٩٧. في رواية حفص بن غياث عن أبي جعفر عليهالسلام : «الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة». وفي الرياض : المشهور أنّ المراد بالثالث هو الأذان الثاني بعد أذان آخر واقع في الوقت قبل ظهر الجمعة ، سواء كان بين يدي الخطيب أم على المنارة أم غيرها. وعلّل كونه بدعة بأنّه لم يفعل في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله ولا في عهد الأوّلين ، إنّما أحدثه عثمان أو معاوية على اختلاف النقلة ، فيكون بدعة وإحداثا في الدين ما ليس منه. قيل : سمّي ثالثا لأنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله شرع للصلاة أذانا وإقامة ، فالأذان الثاني
__________________
(*) في بعض النسخ : بدل «المحصورة» ، الموضوعيّة.