لم يعاقب عليه ؛ لأنّ مؤدّى الطريق الظاهري غير مجعول من حيث هو هو في مقابل الواقع ، وإنّما هو مجعول بعنوان كونه طريقا إليه ، فإذا أخطأ لم يترتّب عليه شيء ؛ ولذا لو أدّى عبادة بهذا الطريق فتبيّن مخالفتها للواقع ، لم يسقط الأمر ووجب إعادتها.
نعم ، إذا عثر عليه (١٩٣٠) المكلّف لم يجز مخالفته ؛ لأنّ المفروض عدم العلم بمخالفته للواقع ، فيكون معصية ظاهريّة من حيث فرض كونه طريقا شرعيّا إلى الواقع ، فهو في الحقيقة نوع من التجرّي. وهذا المعنى مفقود مع عدم الاطّلاع على هذا الطريق.
ووجوب رجوع العامّي إلى المفتي لأجل إحراز الواجبات الواقعيّة ، فإذا رجع وصادف الواقع وجب من حيث الواقع ، وإن لم يصادف الواقع لم يكن الرجوع إليه في هذه الواقعة واجبا في الواقع ، ويترتّب عليه آثار الوجوب ظاهرا مشروطة بعدم انكشاف الخلاف إلّا استحقاق العقاب على الترك ؛ فإنّه يثبت واقعا من باب التجرّي (١٩٣١).
ومن هنا يظهر أنّه لا يتعدّد العقاب مع مصادفة الواقع من جهة تعدّد التكليف. نعم ، لو قلنا بأنّ مؤدّيات الطرق الشرعيّة أحكام واقعيّة ثانويّة ، لزم من ذلك (١٩٣٢) انقلاب التكليف إلى مؤدّيات تلك الطرق ، وكان أوجه الاحتمالات حينئذ الثاني منها.
______________________________________________________
١٩٣٠. حاصله : دعوى حرمة مخالفة الطرق الشرعيّة من باب التجرّي على تقدير العثور عليها ، وعدمها مع عدم العثور عليها وإن كانت موجودة في الواقع.
وفيه نظر ، لأنّ الجاهل إذا ترك الاحتياط وعمل على طبق البراءة من دون فحص ، مع احتماله لوجود دليل ناقل في الواقع ، فهو أيضا نوع من التجرّي ، وهو واضح ، ولذا يستقلّ العقل بوجوب الاحتياط في صورة عدم الفحص عن الأدلّة.
١٩٣١. على القول بحرمته. وحاصله : أنّ استحقاق العقاب حينئذ إنّما هو من باب التجرّي ، لا من باب حرمة مخالفة فتوى المفتي ولو مع فرض مخالفتها للواقع.
١٩٣٢. في إطلاق الملازمة منع ، لأنّها إنّما تتّجه مع رجحان مصلحة الطريق على مصلحة الواقع ، بحيث أغمض الشارع مع وجوده عن الواقع من رأس ، بخلاف