الثاني : قد عرفت أنّ الجاهل العامل بما يوافق البراءة مع قدرته على الفحص واستبانة الحال ، غير معذور ، لا من حيث العقاب ولا من جهة سائر الآثار ، بمعنى أنّ شيئا من آثار الشيء المجهول ـ عقابا أو غيره من الآثار المترتّبة على ذلك الشيء في حقّ العالم ـ لا يرتفع عن الجاهل لأجل جهله.
وقد استثنى الأصحاب (١٩٣٣) من ذلك القصر والإتمام والجهر والإخفات ،
______________________________________________________
ما لو تساوتا ، إذ مقتضاه ثبوت التخيير بين العمل بالواقع والطريق ، وعلى هذا التقدير يتّجه الوجه الرابع كما هو واضح. ثمّ إنّ تحقيق الكلام في كيفيّة جعل الطرق قد تقدّم في مباحث الظنّ ، فراجع.
١٩٣٣. هذا هو المشهور ، بل حكي عليه الإجماع ، وورد به النصّ. وقد استثنى جماعة الجاهل بمفطرات الصوم أيضا وإن كان مقصّرا ، لأنّهم قد اختلفوا فيه على أقوال ، فعن الأكثر ـ بل المشهور ـ فساد الصوم بها ، ووجوب القضاء والكفّارة عليه. وعن الشيخ في التهذيب وابن إدريس : أنّه إذا جامع أو أفطر جاهلا بالتحريم لم يجب عليه شيء. وظاهرهما سقوطهما معا. واحتمله في محكيّ المنتهى وعن المعتبر : الذي يقوى عندي فساد صومه ، ووجوب القضاء دون الكفّارة. وحكاه في المدارك ـ مع اختياره ـ عن أكثر المتأخّرين.
وقيل بالتفصيل بين الجاهل المقصّر في السؤال فيجب عليه القضاء والكفّارة ، وبين غير المقصّر فلا يجب عليه الكفّارة خاصّة. حكاه في الجواهر عن بعض مشايخه ، لأنّ ظاهر من نفى القضاء ـ كما عرفته من الشيخ والحلّي ـ هو الحكم بصحّة الصوم ، وظاهرهما الحكم بالمعذوريّة من حيث الحكم الوضعي دون التكليفي. وحينئذ يأتي هنا أيضا الإشكال الذي ذكره المصنّف رحمهالله في استثناء مسألتي الجهر والإخفات والقصر والإتمام ، ولم أر من تعرّض للإشكال هنا.
نعم ، قد حكي عن المنتهى تعليل عدم القضاء والكفّارة برفع القلم عن الجاهل وظاهره دعوى المعذوريّة من حيث الحكم التكليفي أيضا ، وعليه لا يأتي فيه الإشكال