والكرّية مانعة عنها بمقتضى قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لم ينجّسه شيء» (٢٦) ونحوه ممّا دلّ على سببيّة الكرّية لعدم الانفعال المستلزمة لكونها مانعة عنه ، والشكّ في المانع في حكم العلم بعدمه ، وجهان.
وأمّا أصالة عدم تقدّم (١٩٦٦) الكرّية على الملاقاة ، فهو في نفسه ليس من الحوادث المسبوقة بالعدم حتّى يجري فيه الأصل. نعم ، نفس الكرّية حادثة ، فإذا شكّ في تحقّقها حين الملاقاة حكم بأصالة عدمها. وهذا معنى عدم تقدّم الكرّية على الملاقاة. لكن هنا أصالة عدم حدوث الملاقاة حين حدوث الكرّية ، وهو معنى عدم تقدّم الملاقاة على الكرّية ، فيتعارضان ، فلا وجه لما ذكره من الأصل.
______________________________________________________
أفراده ، مثل ما ورد من لعن بني أميّة قاطبة بعد ما ورد من إكرام المؤمن وعدم إهانته ، لكون الإيمان مقتضيا لحسن الإكرام ، وعنوان كون المؤمن من بني اميّة مانعا منه ، فإذا شكّ في كون مؤمن من بني اميّة ، فعموم العامّ يقتضي عدم كون هذا الموضوع المشتبه من بني اميّة ، فيكون مبيّنا لحاله ومزيلا للشبهة عنه ، كما قرر في محلّه. وما نحن فيه من هذا القبيل ، لفرض كون الكرّية مانعة ، والملاقاة مقتضية للنجاسة. ومراد المصنّف رحمهالله بأصالة عدم المانع هو هذا المعنى ، لا البناء على عدمه مع الشكّ فيه وإن لم يكن مسبوقا بالعدم ، حتّى يمنع قيام الدليل عليه. اللهمّ إلّا أن يمنع الفرق بين المانع والمقسم في المخصّصات في نظر أهل العرف ، لعدم التفاتهم إلى ذلك ، ولذا استشكل في الحكم بالنجاسة في آخر كلامه.
١٩٦٦. يعني في المثال الثالث من الأمثلة التي ذكرها صاحب الوافية. وحاصل ما أورده عليه يرجع إلى وجهين :
أحدهما : عدم صحّة استصحاب عدم تقدّم الكرّية على الملاقاة ، لعدم اليقين بذلك في السابق حتّى يستصحب.
وثانيهما ـ مع تسليم كون المراد بأصالة عدم التقدّم أصالة عدم حدوث الكرّية في زمان الملاقاة ـ : أنّ الأصل معارض بمثله ، إذ الأصل أيضا عدم حدوث