الثاني : أن لا يتضرّر بإعمالها مسلم ، كما لو فتح إنسان قفص طائر فطار ، أو حبس شاة فمات ولدها ، أو أمسك رجلا فهربت دابّته. فإنّ إعمال البراءة فيها يوجب تضرّر المالك ، فيحتمل اندراجه في قاعدة «الإتلاف» وعموم قوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار» ؛ فإنّ المراد نفي الضرر من غير جبران بحسب الشرع ، وإلّا فالضرر غير منفي ، فلا علم حينئذ ـ ولا ظنّ ـ بأنّ الواقعة غير منصوصة ، فلا يتحقّق شرط التمسّك بالأصل من فقدان النصّ ، بل يحصل القطع بتعلّق حكم شرعيّ بالضارّ ، ولكن لا يعلم أنّه مجرّد التعزير أو الضمان أو هما معا ، فينبغي له تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح (٢٩).
ويرد عليه : أنّه إن كانت (١٩٧٣) قاعدة «نفي الضرر» معتبرة في مورد الأصل ، كانت دليلا كسائر الأدلّة الاجتهاديّة الحاكمة على البراءة ، وإلّا فلا معنى للتوقّف في الواقعة
______________________________________________________
إلى زمانه ، وشيء منهما غير مفيد في المقام ، لأنّ استصحاب عدم إلقاء الكرّ إلى زمان الاستعمال لا يثبت كون الماء الموجود حين الاستعمال غير كرّ إلّا بالملازمة العقليّة التي لا يثبتها الأصل. مضافا ـ فيه وفي الثاني ـ إلى أنّ الموضوع في الزمان السابق هو الماء القليل ، ولم يعلم بقائه إلى زمان الاستعمال ، فلا مجرى للأصل حينئذ ، لعدم العلم ببقاء موضوعه حتّى يقال بحكومته على أصالة طهارة الثوب.
وإن جهل تاريخهما ، فلا بدّ من الحكم بطهارة الثوب حينئذ ، لأنّ أصالة عدم حدوث الاستعمال في زمان إلقاء الكرّ لا يترتّب عليه أثر شرعيّ كما تقدّم ، فلا تعارض أصالة طهارة الثوب. ولا تعارضها أيضا أصالة عدم حدوث إلقاء الكرّ في زمان الاستعمال ، كما عرفته فيما كان الاستعمال معلوم التاريخ.
١٩٧٣. مضافا إلى عدم تمسّك أحد بقاعدة الضرر في إثبات الضمان ، سوى ما يظهر من بعض كلمات صاحب الرياض. ويؤيّده حصرهم أسباب الضمان في اليد والإتلاف والتسبيب.
ثمّ إنّ ما أورده عليه المصنّف رحمهالله تبعا لغير واحد من أواخر المتأخّرين يرجع إلى وجوه :