وترك العمل بالبراءة.
ومجرّد احتمال اندراج الواقعة في قاعدة «الإتلاف» أو «الضرر» لا يوجب رفع اليد عن الأصل. والمعلوم تعلّقه بالضارّ فيما نحن فيه هو الإثم والتعزير إن كان متعمّدا ، وإلّا فلا يعلم وجوب شيء عليه ، فلا وجه لوجوب تحصيل العلم بالبراءة ولو بالصلح.
وبالجملة : فلا يعلم وجه صحيح لما ذكره في خصوص أدلّة الضرر. كما لا وجه لما ذكره (١٩٧٤) من تخصيص مجرى الأصل بما إذا لم يكن جزء عبادة ، بناء على أنّ المثبت لأجزاء العبادة هو النصّ. فإنّ النصّ قد يصير مجملا ، وقد لا يكون نصّ في المسألة ، فإن قلنا بجريان الأصل وعدم العبرة بالعلم بثبوت التكليف بالأمر المردّد بين الأقلّ والأكثر فلا مانع منه ، وإلّا فلا مقتضي له ، وقد قدّمنا ما عندنا في المسألة.
______________________________________________________
أحدها : أنّ مجرّد احتمال اندراج ما نحن فيه تحت قاعدة الضرر والإتلاف لا يوجب رفع اليد عن الأصل المحكّم في المقام.
الثاني : أنّه على تقدير القطع بالاندراج لا وجه لتخصيص الشرط بعدم التضرّر ، إذ كما يعتبر في العمل بأصالة البراءة عدم كون موردها موردا للقاعدتين ، كذلك يعتبر أيضا عدم كونه موردا لسائر القواعد.
الثالث : منع دلالة قاعدة الضرر على الضمان ، بل الضارّ إن قصد بفعله الإضرار على الغير فهو آثم قطعا ، وإلّا فلا إثم عليه أيضا. قال في الجواهر : «إنّ استفادة الضمان من القاعدة المزبورة متوقّفة على الانجبار بفتوى الأصحاب ، إذ لا اقتضاء لها إلّا عدم مشروعيّة ما فيه الضرر والضرار في الإسلام على معنى النهي عن إيجاده ، وهو إنّما يقتضي حرمة ذلك ، لا الجبر بالضمان المتوقّف على إرادة انتفاء وجوده في الدين ، المنزّل على إرادة جبر ما يحصل منه فيه بالغرامة ، لأنّه أقرب المجازاة إلى نفيه ، بل يمكن دعوى إرادة ذلك حقيقة من النفي بلا تجوّز ، إلّا أنّ ذلك كلّه كما ترى لا يصلح دليلا لذلك من دون انجبار بفتوى الأصحاب فضلا عن الفتوى بخلافه» انتهى.
١٩٧٤. هذا إشارة إلى الاعتراض على ثالث الشروط بما هو واضح.