.................................................................................................
______________________________________________________
الضرر والضرار مناف للطف والعدل على ما يفهم من معناهما ، ومثل ذلك غير مجوّز عقلا أيضا ، كما أسلفناه في مسألة العسر والحرج.
وأقول : إنّ قبح الإضرار من المكلّفين إنّما هو مع قصده ، وأمّا لا معه فلا نسلّم قبحه ، ولعلّ المستدلّ أيضا لا ينكر ذلك. وموضوع البحث هنا أعمّ ممّا صدر عن عزم والتفات وغيره ، فالدليل لا يعمّ موارد المدّعى. وأمّا قبحه من الله تعالى فإنّما يتّجه على تقدير إدراك العقل عدم تداركه بما هو أصلح للعبد. ولعلّ الأمر بالفعل الضرري لدفع ضرر أشدّ منه بدني أو مالي أو غيرهما ، أو منفعة كذلك ، أو لمجرّد الابتلاء.
وبالجملة ، إنّ أمر الشارع بفعل ضرري يكشف عن وجود مصلحة فيه فائقة على الضرر الحاصل منه ، لقبح الإضرار من الحكيم على الإطلاق. وهذا ليس بمجرّد احتمال حتّى يدفع بالأصل كما توهّم ، فتعيّن أن تكون القاعدة من الأدلّة النقليّة الثابتة بالأخبار المتقدّمة. وهل هي في عرض سائر القواعد حتّى يلتمس الترجيح في موارد التعارض ، أو هي حاكمة عليها؟ والأوّل يظهر من غير واحد من المتأخّرين ، قال المحقّق القمّي رحمهالله : «قاعدة لزوم البيع تعارض قاعدة الضرر ، وبينهما عموم من وجه ، ويحكم بالخيار ترجيحا للثاني من جهة العقل والعمل وغيرهما ، ولو كانت من باب الأصل لما عارضت الدليل» انتهى. ونقل المصنّف رحمهالله عن الفاضل النراقي. والثاني هو المختار وفاقا للمصنّف رحمهالله.
ويدلّ عليه وجوه :
أحدها : ما أشار إليه المصنّف رحمهالله من قياس هذه القاعدة على نظائرها من سائر القواعد من قاعدة العسر وغيرها ، فكما أنّ قاعدة العسر تقدّم على سائر أدلّة التكاليف من دون ملاحظة الترجيح بينهما ، كذلك هذه القاعدة.
وثانيها : ما أشار إليه المصنّف رحمهالله من ورود أخبار هذه القاعدة في مقام الامتنان على العباد ، وهو إنّما يتحقّق فيما كانت العمومات والمطلقات مثبتة