وهذا الدفع أشنع من أصل التوهّم ؛ لأنّه إذا سلّم عموم الأمر بصورة الضرر كشف عن وجود مصلحة يتدارك بها الضرر في هذا المورد ، مع أنّه يكفي حينئذ في تدارك الضرر الأجر المستفاد من قوله صلىاللهعليهوآله : «أفضل الأعمال أحمزها» ، وما اشتهر في الألسن وارتكز في العقول من : «أنّ الأجر على قدر المشقّة» ، فالتحقيق في دفع التوهّم المذكور : ما ذكرناه من الحكومة والورود في مقام الامتنان.
______________________________________________________
مصلحة زائدة على مصلحة الطبيعة ، فقاعدة نفي الضرر تمنع شمول عموم الحكم له ، وتخصّصه بغير موارد الضرر ، ولا علم لنا بوجود هذه المصلحة الزائدة في موارد الضرر حتّى يقال بتداركه بها. ومع تكافؤ احتمالي وجودها وعدمها تتعارض هذه القاعدة مع عموم الأمر ، بل أصالة عدم هذه المصلحة الزائدة تقضي بكون المورد من موارد القاعدة ، لا كونه مشمولا لعموم الأمر.
فأمّا أشنعيّة هذا الدفع من أصل التوهّم فاعلم : أنّ المصنّف رحمهالله قد أشار بقوله : «إن سلّم أوّلا» إلى منع شمول إطلاق الأمر أو عمومه لموارد الضرر. وثانيا على تقدير التسليم إلى منع عدم انجبار الضرر الموجود بمصلحة الحكم.
أمّا الأوّل فإنّ مقتضى إطلاق نفي الضرر في الأحكام عدم وجود مصلحة متداركة في موارد الضرر ، وعدم شمول إطلاق الأمر أو عمومه لها ، كما أسلفناه في الحاشية السابقة ، كيف لا ولو فرض احتمال وجودها في مورد الضرر لم يبق مورد لهذه القاعدة ، لأنّها إنّما وردت في مقابل سائر العمومات والمطلقات. فلو تعارض احتمال وجود المصلحة الزائدة واحتمال عدمها في موارد الضرر ، لا تكون هذه القاعدة مستقلّة بنفي حكم في مورد إلّا بضميمة الأصل ، إلّا في موارد أصالة البراءة التي أغنتنا عن التمسّك بالقاعدة فيها. ومن لاحظ الأخبار الواردة في المقام على جهة الامتنان قطع بفساده.
وأمّا الثاني فإنّ تسليم عموم الأمر أو إطلاقه لموارد الضرر يكشف عن وجود المصلحة الزائدة فيها لا محالة ، وإلّا بقي شموله لها بلا مصلحة ، وهو قبيح.