فمع فقد المرجّح (١٩٩٧) يرجع إلى الاصول والقواعد الأخر ، كما أنّه إذا اكره على الولاية من قبل الجائر المستلزمة للإضرار على الناس ، فإنّه يرجع إلى قاعدة «نفي
______________________________________________________
بمراتب من المهالك الدنيويّة فضلا عن سائر مضرّاته. وإمّا أن لا يقوم عليه دليل كذلك ، فيقدّم الضرر الدنيوي حينئذ ، لكون أصالة البراءة حينئذ مؤمّنة عن الضرر الاخروي المشكوك أو المظنون بظنّ غير معتبر.
١٩٩٧. قال المصنّف رحمهالله بعد ذكر ما قدّمناه في الحاشية السابقة : «وإن كان بالنسبة إلى شخصين فيمكن أن يقال أيضا بترجيح الأقلّ ضررا ، إذا مقتضى نفي الضرر عن العباد في مقام الامتنان عدم الرضا بحكم يكون ضرره أكثر من ضرر الحكم الآخر ، لأنّ العباد كلّهم متساوون في نظر الشارع ، بل بمنزلة عبد واحد ، فإلغاء الشارع أحد الشخصين في الضرر بتشريع الحكم الضرري فيما نحن فيه ، نظير لزوم الإضرار بأحد الشخصين لمصلحته ، فكما يؤخذ فيه بالأقلّ كذلك فيما نحن فيه ، ومع التساوي فالرجوع إلى العمومات الآخر ، ومع عدمها فالقرعة. لكن مقتضى هذا ملاحظة ضرر الشخصين المختلفين باختلاف الخصوصيّات الموجودة في كلّ منهما من حيث المقدار ومن حيث الشخص ، فقد يدور الأمر بين ضرر درهم وضرر دينار ، مع كون ضرر الدرهم أعظم بالنسبة إلى صاحبه من ضرر الدينار بالنسبة إلى صاحبه ، وقد يعكس حال الشخصين في وقت آخر» انتهى.
وأقول : إنّ تحقيق الكلام في المقام إنّ تعارض الضررين تارة مع وجود المرجّح لأحدهما ، واخرى مع فقده.
أمّا الأوّل فلا إشكال في تقديم الراجح منهما ، والمرجّح امور :
أحدها : الملكيّة. وسيجيء أنّ تصرّف المالك إذا استلزم تضرّر جاره يقدّم ضرر المالك. نعم ، قد يقدّم ضرر الجار ، كما إذا غرس شجرا في ملكه فوقعت أجذاعه على ملك الجار ، فتقطع حينئذ أجذاع الشجر الواقع في ملك الغير ، لاستلزام إبقائها تصرّفا في ملك الغير ، فيدخل الضرر حينئذ على المالك. وستقف على تحقيق الكلام في ذلك.