.................................................................................................
______________________________________________________
وثانيها : العرف والعادة ، بأن كان أحد الضررين في نظرهم مقدّما على الآخر. قال في الروضة فيما لو باع الاصول وأبقى الثمرة : «ويجوز لكلّ منهما أي : البائع والمشتري ـ السقي مراعاة لملكه ـ إلّا أن يستضرّا معا فيمنعان. فلو تقابلا في الضرر والنفع رجّحنا مصلحة المشتري ، لأنّ البائع هو الذي أدخل الضرر على نفسه ببيع الأصل وتسليط المشتري (*) عليه ، الذي يلزمه جواز سقيه» انتهى.
ولعلّ مراده أنّ البيع مستلزم عرفا لنقل جميع توابع المبيع والحقوق الثابتة للبائع إلى المشتري ، ولا شكّ أنّ حقّ سقي الاصول كان إلى البائع قبل البيع ، فإذا باعها من دون استثنائه في ضمن العقد فهو بمنزلة اشتراط الدخول في المبيع في نظر أهل العرف وإن لم يصرّح به. وإن باع الاصول أوّلا من شخص ثمّ الثمرة من آخر قدّم الأوّل ، لانتقال الحقّ إليه أوّلا. وإن باعهما منهما بعقد واحد ، بأن كانت الاصول لأحدهما والثمرة للآخر ، ففي بطلان العقد لأجل تعارض الحقّين وعدم المرجّح ، وصحّته لأجل تقديم الأقلّ ضررا ، وجهان.
وثالثها : التفريط ، فيقدّم ضرر غير المفرّط منهما. فإذا توقّف إخراج الدابّة من الدار على هدم الدار أو ذبح الدابّة ، فإن كان دخولها فيها بتفريط من صاحب الدار ، بأن فتح الباب فدخلت فيها ، يحكم بهدمها من دون ضمان أرش الهدم. وإن كان بتفريط من صاحب الدابّة ، يحكم بهدمها مع ضمان صاحب الدابّة للأرش. ولم يحتمل أحد ذبح الدابّة مع كون التفريط من صاحبها ، إلّا ما حكي عن الشهيد في الدروس والفاضل في التذكرة ، ولعلّ نظرهم في ذلك إلى كون ذي الروح محترما في نظر الشارع. وأنت خبير بأنّه إن ثبت الإجماع على الترجيح بالتفريط ، وإلّا فللنظر ـ بل للمنع ـ فيه مجال. وأمّا إذا دخلت الدابّة في الدار من دون تفريط من صاحبيهما ، قدّم عند المشهور جانب من كان إخراج الدابّة من الدار لمصلحته ، وهو صاحب الدابّة ، كما نقله المصنّف رحمهالله في آخر كلامه هنا.
__________________
(*) أي : بائع الاصول الذي بقيت له الثمرة.