الحرج» ، لأنّ إلزام الشخص بتحمّل الضرر لدفع الضرر عن غيره حرج ، وقد ذكرنا توضيح ذلك (١٩٩٨) في مسألة التولّي من قبل الجائر من كتاب المكاسب. ومثله : إذا كان
______________________________________________________
وأمّا الثاني فيحكم فيه بتقديم أقلّ الضررين. وسيجيء الكلام فيه وفي صورة تساويهما عند شرح قوله : «وأمّا في غير ذلك ...».
١٩٩٨. قال في المكاسب في مسألة التولّي من قبل الجائر في جملة كلام له : «إنّما الإشكال في أنّ ما يرجع إلى الإضرار بالغير ، من نهب الأموال وهتك الأعراض وغير ذلك من العظائم ، هل يباح كلّ ذلك بالإكراه ولو كان الضرر المتوعّد فيه على ترك المكره عليه أقلّ بمراتب من الضرر المكره عليه؟ كما إذا خاف على عرضه من كلمة خشنة لا يليق به ، فهل يباح بذلك أعراض الناس وأموالهم ولو بلغت ما بلغت كثرة وعظمة ، أم لا بدّ من ملاحظة الضررين والترجيح بينهما؟ وجهان ، من إطلاق أدلّة الإكراه ، وأنّ الضرورات تبيح المحظورات ، ومن أنّ المستفاد من أدلّة الإكراه تشريعه لدفع الضرر ، ولا يجوز دفع الضرر بالإضرار بالغير ، ولو كان ضرر الغير أدون فضلا عن أن يكون أعظم.
وإن شئت قلت : إنّ حديث رفع الإكراه ورفع الإضرار مسوق للامتنان على جنس الأمّة ، ولا حسن في الامتنان على بعضهم بترخيصه في الإضرار بالبعض الآخر ، فإذا توقّف دفع الضرر عن نفسه بالإضرار بالغير لم يجز ، ووجب تحمّل الضرر.
هذا ، لكنّ الأقوى الأوّل ، لعموم دليل نفي الإكراه لجميع المحرّمات حتّى الإضرار بالغير ما لم يبلغ الدم ، وعموم نفي الحرج ، فإنّ إلزام الغير بتحمّل الضرر بترك ما أكره عليه حرج ، وقوله : «إنّما جعلت التقيّة لتحقن بها الدماء ، فإذا بلغ الدم فلا تقيّة» حيث دلّ على أنّ حدّ التقيّة بلوغ الدم ، فتشرع لما عداه.
وأمّا ما ذكر من استفادة كون نفي الإكراه لدفع الضرر فهو مسلّم ، بمعنى دفع توجه الضرر وحدوث مقتضيه ، لا بمعنى دفع الضرر الموجّه بعد حصول مقتضيه. بيان ذلك : أنّه إذا توجّه الضرر إلى شخص بمعنى حصول مقتضيه ، فدفعه