.................................................................................................
______________________________________________________
عنه بالإضرار بغيره غير لازم ، بل غير جائز في الجملة. فإذا توجّه ضرر على المكلّف بإجباره على مال ، وفرض أنّ نهب مال الغير دافع له ، فلا يجوز للمجبور نهب مال غيره لدفع الجبر عن نفسه. وكذلك إذا أكره على نهب مال غيره ، فلا يجب تحمّل الضرر بترك النهب لدفع الضرر الموجّه إلى الغير.
وتوهّم أنّه كما يسوغ النهب في الثاني ، لكونه مكرها عليه فيرتفع حرمته ، كذلك يسوغ في الأوّل ، لكونه مضطرّا إليه ، ألا ترى أنّه لو توقّف دفع الضرر على محرّم آخر غير الإضرار بالغير ، كالإفطار في شهر رمضان أو ترك الصلاة أو غيرهما ، ساغ له ذلك المحرّم. وبعبارة اخرى : الإضرار بالغير من المحرّمات ، فكما يرتفع حرمته بالإكراه كذلك يرتفع بالإضرار ، لأنّ نسبة الرفع إلى ما أكرهوا عليه وما اضطرّوا إليه على حدّ سواء.
مدفوع بالفرق بين المثالين في الصغرى ، بعد اشتراكهما في الكبرى المتقدّمة ، وهي أنّ الضرر المتوجّه إلى الشخص لا يجب دفعه بالإضرار بغيره ، بأنّ الضرر في الأوّل متوجّه إلى نفس الشخص ، فدفعه عن نفسه بالإضرار بالغير غير جائز. وعموم دفع ما اضطرّوا إليه لا يشمل الإضرار بالغير المضطرّ إليه ، لأنّه مسوق للامتنان على الأمّة ، فترخيص بعضهم في الإضرار بالآخر لدفع الضرر عن نفسه إلى غيره مناف للامتنان ، بل يشبه الترجيح بلا مرجّح ، فعموم ما اضطرّوا إليه في حديث الرفع مختصّ بغير الإضرار بالغير من المحرّمات.
وأمّا الثاني فالضرر فيه أوّلا وبالذات متوجّه إلى الغير بحسب إلزام المكره بالكسر وإرادته الحتميّة ، والمكره بالفتح وإن كان مباشرا ، إلّا أنّه ضعيف لا ينسب إليه توجيه الضرر إلى الغير ، حتّى يقال : إنّه أضرّ بالغير لئلّا يتضرّر نفسه. نعم ، لو تحمّل الضرر ولم يضرّ بالغير فقد صرف الضرر عن الغير إلى نفسه عرفا ، لكنّ الشارع لم يوجب هذا. والامتنان بهذا على بعض الأمّة لا قبح فيه ، كما أنّه لو أراد ثالث الإضرار بالغير يجب على الغير تحمّل الضرر وصرفه عنه إلى نفسه.