.................................................................................................
______________________________________________________
لاعتبار عدم ترتّب جلب منفعة أو دفع مضرّة على تصرّف المالك كما تقدّم. وإن كان لأجل تحكيم قاعدة الضرر على قاعدة السلطنة كما ستقف عليه أيضا ، فلا وجه حينئذ لاعتبار قصد الإضرار كما عرفت.
وكيف كان ، فالكلام في الصور المذكورة تارة من حيث الحكم التكليفي ، بمعنى حرمة تصرّف المالك وعدمها ، واخرى من حيث الحكم الوضعي ، أعني : ضمان المالك للضرر العائد من تصرّفه إلى الجار ، وبيان الملازمة بين الحرمة والضمان وعدمها ، لإمكان القول بالحرمة من دون ضمان أو بالجواز معه. فالكلام في بيان أحكام الصور المذكورة يقع في مقامين.
أمّا المقام الأوّل ففي بيان أحكام الصور المزبورة تكليفا ، ونقول : إنّ ظاهر المصنّف رحمهالله هو الحكم بجواز التصرّف فيما عدا الصورة الأخيرة ، وبعدمه فيها مطلقا ، لأنّ ما استدركه بقوله «نعم» وإن اختصّ بصورة قصد الإضرار ، إلّا أنّ قوله : «لا يعدّ ضررا» يشمل صورة عدم قصد الإضرار أيضا.
وكيف كان ، نقول في توضيح المقام : إنّك قد عرفت أنّ صور المسألة أربع :
أمّا الأولى فلا إشكال كما لا خلاف في جواز التصرّف فيها ، لعموم السلطنة ، والفرض عدم علم ولا ظنّ بتضرّر الجار.
وأمّا الثانية فالظاهر أنّ حكم المشهور بالجواز إنّما هو في هذه الصورة ، ولذا صرّح المحقّق الثاني ـ الذي هو لسان الفقهاء ـ فيما عرفت من كلامه بقوله : «وإن غلب على ظنّه التعدي». ولعلّ الوجه فيه حكومة قاعدة السلطنة على قاعدة نفي الضرر. ولكنّ المصنّف رحمهالله في رسالته المفردة في هذه القاعدة قد عكس الأمر ، فحكم بحكومة الثانية على الاولى. وفيه نظر ، لأنّ الظاهر أنّ قوله صلىاللهعليهوآله : «الناس مسلّطون على أموالهم» إخبار عمّا جرت عليه طريقة الناس في جميع الأعصار والأصقاع والملل والأديان ، وإمضاء لطريقتهم ، وليس واردا في مقام إنشاء جواز تصرّف أرباب الأملاك فيها. وقد تقدّم في بعض الحواشي السابقة