.................................................................................................
______________________________________________________
وكيف كان ، يدلّ على المدّعى أيضا ظاهر الإجماع ، لأنّ الفقهاء وإن لم يعنونوا الكلام في المقام بحسب الحكم التكليفي ، لأنّهم إنّما تعرّضوا لحكمه الوضعي ، إلّا أنّه يمكن استظهاره من إجماعهم على حكمه الوضعي ـ أعني : الضمان ـ بواسطة ما ستعرفه من الملازمة بين الحكمين. ولعلّه من هنا قد ادّعى المحقّق القمّي ـ فيما حكي عنه في الفقه ـ الإجماع على الحرمة هنا. وحاصل ما حكي عنه هو نفي الخلاف عن جواز تصرّف المالك ، وعدم ضمانه فيما لم يكن تصرّفه زائدا على قدر الحاجة ، مع عدم العلم والظنّ بتضرّر الجار به ، وكذا عن الحرمة والضمان فيما كان تصرّفه زائدا على قدر الحاجة ، مع العلم أو الظنّ بتضرّر الجار به.
ويحتمل الحكم بالجواز هنا أيضا بعد منع القطع بتحقّق الإجماع المذكور ، لما عرفت من ابتنائه على دعوى الملازمة المذكورة لا على إفتائهم بالحرمة بخصوصها ، إمّا لدعوى حكومة قاعدة السلطنة على قاعدة الضرر ، وإمّا لدعوى أخصيّة الاولى من الثانية كما تقدّم في الصورة الثانية ، إلّا أنّ الأقوى هو عدم الجواز ، لظاهر الإجماع ، وما تقدّم في الصورة الثانية من حكومة قاعدة الضرر على عموم السلطنة. ولكنّا حيثما قلنا بالجواز مع تضرّر الجار به فهو مشروط بامور :
أحدها : أن لا يكون تضرّر الجار بالنفس والعرض أو بمال لا يتحمّل به ويستأصل به. وهذا مستفاد من الشرع ، لأنّ الشارع أمر بحفظ نفوس الناس وأعراضهم وأموالهم في الجملة ، ورفع عنهم الأحكام الضرريّة والعسر والحرج منّة ، فكيف يرضى بإدخال هذا الضرر على الجار لأجل مراعاة حال المالك ، وعدم منعه من التصرّف لأجل جلب منفعة أو دفع مضرّة يسيرة؟
وثانيها : أن لا يكون تضرّر الجار بمباشرة من المالك ، بأن يصدق عليه كونه متلفا لشيء من أموال الجار ، ويسند إليه الفعل حقيقة بحسب العرف ، كما إذا أرسل الماء الكثير إلى ملكه دفعة واحدة ، فتعدّى إلى ملك الغير بحيث لم يقدر على