.................................................................................................
______________________________________________________
ومنها : إفتاء جمع من الأصحاب بأنّ وليّ الدم إذا ضرب الجاني الذي أراد الاقتصاص منه وتركه ظانّا بموته ، واتّفق أنّه لم يمت به وبرىء من الجناية ، فإن كان قد ضربه بما يسوغ الاقتصاص به شرعا من الأسلحة وآلات الضرب يجوز له قتله ثانيا ، وليس للجاني أن يقتصّ من الجاني (*) بما جنى به بقصد القصاص واتّفق عدم موته به. وإن ضربه بغير ما يسوغ الاقتصاص به شرعا ، بأن ضربه بالحجارة أو الخشب مثلا فللجاني المضروب أن يقتصّ من وليّ الدم أوّلا بمثل ما جنى به أوّلا ، ثمّ يقتله وليّ الدم. وعلّل ذلك بالإذن من الشارع في الاقتصاص بما سوّغ الشارع الاقتصاص به ، فلا يتعقّبه ضمان ، بخلاف الثاني.
ومنها : ما عن المفيد وسلّار والعلّامة والشهيدين والفاضل المقداد والمقدّس الأردبيلي قدسسرهم ، من أنّ رجلا لو أحدث في الطريق ما أباحه الله تعالى له فوقع فيه غيره فتلف لا يضمن ، معلّلين بما تقدّم.
ومنها : ما في الشرائع من أنّه لو حفر بئرا في الطريق المسلوك لمصلحة المسلمين ، بأن يشربوا من مائه فيما لم يكن في قربه ماء ، فوقع فيه غيره فمات ، قيل : لا يضمن. وهو حسن ، لأنّ الحفر كان سائغا فلا يتعقّبه الضمان ، وهو محسن ولا سبيل عليه.
ومنها : ما ذكره غير واحد من أنّه لو أخرج أحد الشركاء ميزابه إلى الطريق المرفوع ، فإن أصابت الغير به جناية ، فإن كان قد أخرجه بإذن من الشركاء لم يضمن وإلّا ضمن ، لأنّ الإخراج إذا كان بإذنهم فهو مأذون فيه من قبل الشارع ، فلا يتعقّبه ضمان ، بخلاف ما لو لم يكن بإذنهم.
والمستفاد من هذه الكلمات التسالم على الملازمة المذكورة ، فتجعل هذه أصلا في كلّ مقام إلّا ما أخرجه الدليل. فلا ينافيها ثبوت الضمان في بعض الموارد مع ثبوت الإذن فيه ، كالطبيب والبيطار ومعلّم الأطفال ، لثبوت الضمان فيما
__________________
(*) في هامش الطبعة الحجريّة ، «أي : الذي أراد القصاص».