.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه نظر ، لأنّ حصول النفع بإزاء الضرر يصحّح التكليف بالضرر ، لا أنّه يخرجه من موضوعه. والأولى أن يقال : إنّ قاعدة نفي الضرر ليست من القواعد العقليّة غير القابلة للتخصيص ، فيجوز تخصيصها بما ثبت بالدليل القاطع.
الأمر الثالث : أنّ انتفاء الحكم الضرري لما كان لأجل الضرر ، فلا بدّ في الحكم بانتفائه من الاقتصار على ما يندفع به الضرر ، فإذا ثبت الخيار للبائع في المبيع المغبون فيه لدفع الضرر الحاصل له من لزوم العقد ، يقتصر في إثباته على الزمان الأوّل الذي يمكن فسخ العقد فيه ، ولا يتعدّى إلى الزمان الثاني.
وتوضيح ذلك : أنّ قاعدة نفي الضرر قد يثبت بها الضمان ، كما إذا أتلف مال الغير ، فإنّ إجراء أصالة براءة ذمّة المتلف يوجب تضرّر المالك ، فيحكم بضمانه بناء على ما ذكره بعض أواخر المتأخّرين كما تقدّم سابقا. ولنا فيه كلام يأتي إليه الإشارة. وقد يثبت بها التضمين ، وقد يدور الأمر بين الضمان والتضمين ، كما إذا باع مال الغير فضولا أو غصبه فباعه مع جهل المشتري به ، لأنّه إذا رجع المالك إلى المشتري بالعين ومنافعها التي استوفاها منها ، ضمن البائع له بما رجع المالك به إليه.
والإشكال إنّما هو في أنّه قبل رجوع المالك هل يحكم بضمان البائع للمشتري فعلا ، أو للمشتري تضمينه بعد رجوع المالك إليه؟ ويثمر ذلك فيما لو كان للبائع من المال بقدر ما يحجّ به. فعلى الأوّل لا تحصل له الاستطاعة الشرعيّة ، لاشتغال ذمّته بدفع ما ضمنه إلى المضمون له ، بخلافه على الثاني. ولكن لا يخفى أنّ ضرر المشتري يندفع بالحكم بجواز تضمين المشتري للبائع بعد رجوع المالك إليه ، كما أنّ في أرش العيب والتصدّق بالمال الملتقط لا يحصل الضمان إلّا بعد مطالبة المشتري في الأوّل وصاحب المال في الثاني ، فلا يحكم بالضمان قبل رجوع المالك ومطالبة المشتري. وقد يثبت بها الخيار ، كما في خيار الغبن والعيب ، ولكنّ الضرر الحاصل للمشتري من لزوم العقد يندفع بثبوت الخيار له في الزمان الأوّل الذي يمكن