.................................................................................................
______________________________________________________
وخامسها : عمومات الكتاب الواردة في جواز المقاصّة ، مثل قوله تعالى : (جَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها) وقوله سبحانه : (فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ) لدلالتها على جواز أخذ ما يساوي الضرر الداخل عليه مطلقا.
هذا ، ولكن في الجميع نظر :
أمّا الأوّل ، فلعدم الدليل على جواز الاعتداد بمثل المسامحة المذكورة ، وإلّا انهدم به أساس الفقه.
وأمّا الثاني ، فإنّ قوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» وارد في مقام بيان نفي الأحكام الضرريّة التي لو لا نفيها كانت ثابتة في الشرع. وبعبارة اخرى : إنّه وارد في مقام بيان اختصاص عمومات الكتاب والسنة ومطلقاتها بغير موارد الضرر ، فهو ناظر إلى رفع أحكام هذه العمومات والمطلقات عن موارد الضرر ، وإن ترتّب على ارتفاعها حكم آخر ، لا إلى إثبات حكم ابتداء بواسطة ترتّب الضرر على عدمه ، وإن استلزم عدمه بعض اللوازم الشرعيّة ، فتأمّل.
وأمّا الثالث ، فإنّ أمر النبيّ صلىاللهعليهوآله الأنصاري بقلع عذق سمرة لعلّه لأجل كون بقاء سلطنة سمرة على عذقه ضررا على الأنصاري ، لأجل كون عدم سلطنة الأنصاري على قلعه ضررا عليه. وكذا حكم الصادق بالشفعة لعلّه لأجل كون لزوم العقد الثابت بقاعدة وجوب الوفاء بالعقود ضررا على الشريك ، لا لأجل تضرّره بعدم سلطنته على أخذ المال المشترك فيه.
وأمّا الرابع ، فإنّ الخبر المذكور لا دخل له في إثبات قاعدة نفي الضرر وإن ذكرناه في أخبارها ، لوروده في مقام بيان حكم الضمان فيما أحدث أحد عملا في طريق المسلمين فتضرّر به آخر ، لا في مقام بيان نفي الأحكام الضرريّة كما هو مقتضى القاعدة.
وأمّا الخامس ، فإنّ غاية ما تثبته الآيتان هو جواز تقاصّ المستضرّ من مال المضرّ بمساوي ما دخل عليه من الضرر ، وأمّا دلالتهما على ضمان المضرّ أيضا فلا.