.................................................................................................
______________________________________________________
أحدها : أن يرتكب نوع مسامحة في الرواية ، بأن يقال : إنّ المراد بالإسلام فيها كلّ ما يعدّ منه عرفا أو ينسب إلى الشارع ويجب أخذه منه من الوجوديّات والعدميّات ، ولا ريب أنّ عدم الضمان كنفس الضمان من جملة ذلك ، وكذا مؤدّيات أصالة البراءة ، فإنّها وإن لم تكن حكما شرعيّا ، لأنّ مؤدّى البراءة ليس إلّا مجرّد نفي العقاب دون الإباحة كما أشرنا إليه ، إلّا أنّه ينسب مؤدّاها عرفا إلى الشارع.
ووجه المسامحة واضح ، لأنّ الإسلام في الحقيقة هو ما جاء به النبيّ صلىاللهعليهوآله ، والعدميّات ليست منه ، لما عرفت من عدم احتياجها إلى إنشاء الشارع ، وكفاية إبقائها على عدمها السابق في تحقّق عدميّتها.
وثانيها : أنّ العدميّات وإن لم تكن من الأحكام الشرعيّة ، إلّا أنّه يمكن إدخالها فيها باعتبار لوازمها الشرعيّة ، لأنّه إذا حبس الرجل فشردت دابّته ، فعدم ضمان الحابس يوجب حرمة مطالبة المحبوس بما فات منه بحبسه ، وكذا يحرم عليه التقاصّ من ماله عوض الفائت ، وكذلك يحرم عليه التعرّض له ودفعه عن نفسه حين الإضرار ، فينفى ذلك كلّه بعموم نفي الضرر ، فيثبت به الضمان.
وثالثها : أنّ استدلال النبيّ صلىاللهعليهوآله في قصّة سمرة بعموم نفي الضرر على تسلّط الأنصاري على قلع عذقه ، لأجل كون عدم تسلّطه عليه ضررا عليه ، وكذا استدلال الصادق له على إثبات الشفعة ، لأجل كون عدم ثبوت الشفعة للشفيع ضررا عليه ، قرينة على دخول العدميّات أيضا في عموم الرواية ، وحيث فرضنا استلزام عدم الضمان فيما نحن فيه أيضا للضرر فينفى بعموم نفي الضرر.
ورابعها : قوله : «من أضرّ بطريق المسلمين فهو له ضامن» بتقريب أنّ هذا الخبر من جملة الأخبار الواردة في بيان قاعدة نفي الضرر كما تقدّم سابقا ، ولا ريب أنّ المناط في الضمان هو تضرّر المسلمين من دون مدخليّة الطريق فيه ، فيثبت الضمان في كلّ ما استلزم تضرّرهم ، سواء كان من الامور الوجوديّة أو العدميّة.