.................................................................................................
______________________________________________________
إلى بيان حرمة الفعل الضرري ، فإنّ القاعدة وإن نفت جواز الفعل المذكور حينئذ ، كحبس الرجل أو الدابّة وفتح القفس في الأمثلة المتقدّمة ، إلّا أنّ مجرّد الحرمة لا يدلّ على الضمان ، لعدم الملازمة بينهما. مع أنّ الضمان على تقدير تسليمه إنّما هو مرتّب على نفي الحكم الوجودي الضرري ، وهي إباحة الفعل ، لا على نفي عدم الحكم المثبت لوجوده كما هو الفرض في المقام ، لأنّ المقصود إثبات الضمان بنفي عدمه من جهة استلزام عدمه للضرر على الغير ، ولا ربط بين تحريم الفعل ونفي عدم الضمان المثبت لوجوده.
وأمّا على المعنى الرابع ، أعني : كون المراد نفي الضرر من دون تداركه وجبره في الإسلام ، فإنّ مرجعه إلى نفي الضرر في الإسلام ، تنزيلا للضرر المتدارك منزلة عدمه ، كما تقدّم عند بيان هذا المعنى. وتقدّم هناك أيضا أنّ الأمر بالتدارك ودفع العوض بعد حصول الضرر إنّما يصحّح التكليف بالفعل الضرري ، لا أنّه ليس بضرر ولو بالتنزيل. وبالجملة ، إنّه فرق بين الأمر بالتدارك وفعليّته ، والتنزيل إنّما يصحّ على الثاني دون الأوّل ، كما صرّح به المصنّف رحمهالله في بعض كلماته. مع أنّ الحكم بالضمان لأجل تدارك الضرر الحاصل بحبس الرجل والبراءة أو فتح القفس ، خروج من عنوان البحث كما تقدّم.
وأمّا على المعنى الأوّل الراجع إلى نفي حكم ضرري في الإسلام كما هو ظاهر الرواية ، فإنّ الفرض في المقام إثبات الحكم ـ أعني : الضمان ـ من جهة ترتّب الضرر على عدمه ، بأن ينفى عدمه الملازم لوجوده ، لا نفي الحكم الوجودي المرتّب عليه ضرر ، كما هو مقتضى هذا المعنى. ولا شكّ أنّ عدم الحكم ليس من الأحكام المجعولة حتّى يكون موردا للقاعدة ، بأن يقال : إنّ عدم الضمان من جملة الأحكام التي يترتّب عليها ضرر ، فتنفيه قاعدة نفي الضرر لوضوح كفاية العدم في عدميّة العدم من دون حاجة إلى إنشاء الشارع.
نعم ، يمكن إثبات الضمان هنا لوجوه أخر :