.................................................................................................
______________________________________________________
إذ كلّ سبب للإتلاف ـ بعيدا كان أو قريبا ـ ليس موجبا له ، بل المدار على صدق الإتلاف عرفا ، وعلى التسبيبات في الجملة كما أشرنا إليه سابقا ، ولذا لم يحكم بعضهم بالضمان في هذه الموارد ، وكذا فيما حفر بئرا في ملكه أو في الأراضي المباحة فوقع فيه غيره.
ووجه الإشكال عدم دلالة نفي الضرر على معانيه الأربعة المتقدّمة على ثبوت الضمان هنا ، بل وعلى معنى خامس أيضا قد أهملنا ذكره هناك ، وهو أن يكون المراد بقوله صلىاللهعليهوآله : «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام» نفي الضرر في الأحكام الأوّلية ، بمعنى كونها بأسرها منافع بالنسبة إلى المكلّفين ، وليس فيها ضرر على العباد أصلا ، لأنّ الكلّ غير مسمن ولا مغن عن شيء في المقام.
أمّا أوّلا : فإنّا قد أشرنا سابقا إلى أنّ هذه القاعدة موهونة بورود كثرة التخصيص عليها ، وأنّه لا بدّ في العمل بها في مورد من جبر وهنها بعمل الأصحاب بها في هذا المورد ، ولم يعمل أحد بها في المقام سوى ما عرفته من صاحب الرياض.
وأمّا ثانيا : فإنّ نفي الحكم الواقعي في المقام بناء على المعنى الخامس الذي عرفته لا يستلزم الضمان ، لأنّه إذا فتح باب قفس طائر فطار ، فهذا الفعل في الواقع وإن لم يخل من أحد الأحكام الخمسة ، إلّا أنّه يحتمل أن يكون حكمه في الواقع هي الحرمة ، ولم يرض به الشارع في الواقع حتّى يترتّب عليه ضرر. وأمّا الحكم بالجواز في الظاهر لأصالة البراءة فهو مسامحة في العبارة ، وإلّا فأصالة البراءة لا تقتضي إلّا مجرّد نفي العقاب لا الإباحة التي هي أحد الأحكام الخمسة. ومع التسليم فالضرر حينئذ يكون مرتّبا على وجود الحكم ، لا على عدمه كما هو المفروض في المقام.
وكيف كان ، فالقاعدة على هذا المعنى ساكتة عن نفي الضرر المرتّب على العدميّات. وستقف على زيادة توضيح لذلك.
وأمّا بناء على سائر المعاني المتقدّمة ، فأمّا على المعنى الثاني والثالث الراجعين