قال أبو أمامة : شهدت صفّين ، فكانوا لا يجهزون على جريح ، ولا يطلبون موليا ، ولا يسلبون قتيلا (١).
ولأن المقصود دفعهم ، فإذا حصل لم يجز قتلهم كالصائل.
ومن لم يقاتل منهم لم يقتل ؛ لأن عليا رضي الله عنه قال يوم الجمل : إياكم وصاحب البرنس ـ يريد محمد بن طلحة السجاد ـ وكان حضر طاعة لأبيه ، ولم يقاتل (٢).
ومن قتل أحدا ممن منع من قتله ضمنه ؛ لأنه قتل معصوما لم يؤمر بقتله ، وهل يقاد به؟ فيه وجهان :
أحدهما : يقاد ؛ لأنه [قتل](٣) مكافئا عمدا.
والثاني : لا يقاد به ؛ لتمكن الشبهة الدارئة [لوجوب](٤) القصاص.
الفصل الثالث :
من أتلف من الفريقين على الآخر مالا أو نفسا حال التحام الحرب لم يضمنه.
قال الزهري : كانت الفتنة العظمى وفيهم البدريون ، فأجمعوا على أن لا يجب حدّ على رجل ارتكب فرجا حراما بتأويل القرآن ، ولا يقتل رجل سفك دما حراما بتأويل القرآن ، ولا يغرم ما أتلفه بتأويل القرآن (٥) ؛ لأن العادل مأمور بالإتلاف ،
__________________
(١) أخرجه ابن أبي شيبة (٦ / ٤٩٨ ح ٣٣٢٧٨) ، والحاكم (٢ / ١٦٧ ح ٢٦٦٠).
(٢) انظر : المغني (٩ / ٦).
(٣) في الأصل : قاتل. والتصويب من ب.
(٤) في الأصل : لحوب. والتصويب من ب.
(٥) انظر : المغني (٩ / ٩).