قُضِيَ الْأَمْرُ) ... الآية [إبراهيم : ٢٢].
وقال سعيد بن جبير : " قرينه" : الملك الذي يكتب السيئات. يقول الكافر : رب إنه زاد علي في الكتابة ، فيقول الملك : (رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ) أي : ما زدت عليه ، ولا كتبت إلا ما قال وعمل (١).
فحينئذ يقول الله تعالى : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ) أي : لا تختصموا عندي ، (وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ) على ألسنة رسلي.
(ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ) ذكروا في معناه قولين :
أحدهما : لا يبدل ما وعدته من ثواب وعقاب. وهو قول الأكثرين (٢).
والثاني : ما يغير عندي قول ولا يحرف عن وجهه ؛ لأني أعلم الغيب. وهذا قول الكلبي (٣) ، واختيار الفراء وابن قتيبة والواحدي (٤).
(وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فأزيد على إساءة المسيء ، أو أنقص من حسنات المحسن ، أو أعاقب على غير ذنب.
فإن قيل : نسبة الظلم إلى الله عزوجل أمر محال ، فإنه لو عذب الطائع لم يكن ظالما ، فما معنى نفيه عنه بلفظ يوهم نسبته إليه ، على تقدير ما؟
قلت : الظلم الشرعي الذي هو التصرف على الوجه الذي ليس للمخلوق
__________________
(١) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ١٨).
(٢) مثل السابق.
(٣) مثل السابق.
(٤) معاني الفراء (٣ / ٧٩) ، وتأويل مشكل القرآن لا بن قتيبة (ص : ٣٢٧) ، والوسيط للواحدي (٤ / ١٦٨).