قال الزمخشري (١) : حقيقته : [محراكم ومقمنكم. أي](٢) : مكانكم الذي يقال فيه : هو أولى بكم ، كما يقال : هو مئنّة للكرم ، أي : مكان لقول الناس : إنه لكريم. ويجوز أن يراد : هي ناصركم ، أي : لا ناصر لكم غيرها. والمراد : نفي الناصر على البت. ومنه قوله : (يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ) [الكهف : ٢٩].
وقيل : هي تتولاكم كما توليتم في الدنيا أعمال أهل النار.
(أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ وَما نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ (١٦) اعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (١٧)
قوله تعالى : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) أخرج مسلم في صحيحه أن ابن مسعود قال : «ما كان بين إسلامنا وبين أن عاتبنا الله بقوله : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) إلا أربع سنين» (٣).
وفي رواية أخرى : فجعل المؤمنون يعاتب بعضهم بعضا (٤).
وقال ابن عباس : إن الله استبطأ قلوب المؤمنين ، فعاتبهم على رأس ثلاث عشرة سنة من نزول القرآن فقال : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ
__________________
(١) الكشاف (٤ / ٤٧٤).
(٢) زيادة من الكشاف ، الموضع السابق.
(٣) أخرجه مسلم (٤ / ٢٣١٩ ح ٣٠٢٧).
(٤) ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (٨ / ١٦٧).