فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (٢٤) وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلًا أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم مِّن فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُم بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ
________________________________________________________
ومذهب مالك أن السبي يهدم النكاح سواء سبي الزوجان الكافران معا أو سبي أحدهما قبل الآخر ، وقال ابن المواز : لا يهدم السبي النكاح (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) منصوب على المصدرية : أي كتب الله عليكم كتابا وهو تحريم ما حرم ؛ وهو عند الكوفيين منصوب على الإغراء (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ) معناه : أحلّ لكم تزويج من سوى ما حرم من النساء ، وعطف أحل على الفعل المضمر الذي نصب كتاب الله ، والفاعل هو الله أي كتب الله عليكم تحريم من ذكر ، وأحل لكم ما وراء ذلكم (أَنْ تَبْتَغُوا) مفعول من أجله ، أو بدل مما وراء ذلكم ، وحذف مفعوله وهو النساء (مُحْصِنِينَ) هنا العفة ونصبه على الحال من الفاعل في تبتغوا (غَيْرَ مُسافِحِينَ) أي غير زناة ، والسفاح هو الزنا (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) قال ابن عباس وغيره : معناها إذا استمتعتم بالزوجة ووقع الوطء فقد وجب إعطاء الأجر ، وهو الصداق كاملا. وقيل : إنها في نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل من غير ميراث ، وكان جائزا في أول الإسلام فنزلت هذه الآية في وجوب الصداق فيه ، ثم حرم عند جمهور العلماء ، فالآية على هذا منسوخة بالخبر الثابت في تحريم نكاح المتعة ، وقيل نسختها آية الفرائض لأن نكاح المتعة لا ميراث فيه ، وقيل : نسختها (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ) [المؤمنون : ٥] وروي عن ابن عباس جواز نكاح المتعة ، وروي أنه رجع عنه (وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ) من قال : إن الآية المتقدمة في مهور النساء فمعنى هذه جواز ما يتراضون به من حط النساء من الصداق ، أو تأخيره بعد استقرار الفريضة ومن قال : إن الآية في نكاح المتعة. فمعنى هذا جواز ما يتراضون به من زيادة في مدة المتعة وزيادة في الأجر. (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) معناها إباحة تزويج الفتيات ، وهنّ الإماء للرجل إذا لم يجد طولا للمحصنات ، والطول هنا هو السعة في المال ، والمحصنات هنا يراد بهنّ ؛ الحرائر غير المملوكات. ومذهب مالك وأكثر أصحابه أنه : لا يجوز للحر نكاح أمة إلّا بشرطين : أحدهما : عدم الطول ؛ وهو ألا يجد ما يتزوج به حرة ، والآخر : خوف العنت ، وهو الزنا لقوله بعد هذا : ذلك لمن خشي العنت منكم ، وأجاز ابن القاسم نكاحهن دون الشرطين على القول بأن دليل الخطاب لا يعتبر ، واتفقوا على اشتراط الإسلام في الأمة التي تتزوج لقوله تعالى : (مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ) إلّا أهل العراق فلم يشترطوه ، وإعراب طولا : مفعولا بالاستطاعة ، وأن ينكح بدل منه وهو في موضع نصب بتقدير لأن ينكح ؛ ويحتمل أن يكون طولا منصوبا على المصدر والعامل فيه الاستطاعة لأنها بمعنى يتقارب ، وأن ينكح على هذا مفعول بالاستطاعة أو بالمصدر (وَاللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ) معناه أنه يعلم