وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ فَإِذَا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ وَأَن تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَّكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (٢٥) يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٢٦) وَاللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (٢٧) يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا (٢٨) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ
________________________________________________________
بواطن الأمور ولكم ظواهرها ، فإذا كانت الأمة ظاهرة الإيمان ، فنكاحها صحيح ، وعلم باطنها إلى الله (بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ) أي إماؤكم منكم ، وهذا تأنيس بنكاح الإماء ، لأن بعض العرب كان يأنف من ذلك (فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَ) أي بإذن ساداتهن المالكين لهنّ (وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) أي صدقاتهنّ ، وهذا يقتضي أنهنّ أحق بصدقاتهنّ من ساداتهنّ ، وهو مذهب مالك (بِالْمَعْرُوفِ) أي بالشرع على ما تقتضيه السنة (مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ) أي عفيفات غير زانيات ، وهو منصوب على الحال والعامل فيه فانكحوهنّ (وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ) جمع خدن وهو الخليل ، وكان من نساء الجاهلية من تتخذ خدنا تزني معه خاصة ، ومنهنّ من كانت لا تردّ يد لامس (فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ) معنى ذلك أن الأمة إذا زنت بعد أن أحصنت فعليها نصف حدّ الحرة ، فإن الحرة تجلد في الزنا مائة جلدة ، والأمة تجلد خمسين ، فإذا أحصن يريد به هنا تزوّجن ، والفاحشة هنا الزنا ، والمحصنات هنا الحرائر ، والعذاب هنا الحدّ فاقتضت الآية حدّ الأمة إذا زنت بعد أن تزوّجت ، ويؤخذ حدّ غير المتزوّجة من السنة ؛ وهو مثل حدّ المتزوّجة وهذا على قراءة أحصنّ بضم الهمزة وكسر الصاد ، وقرئ بفتحهما ، ومعناه أسلمن ، وقيل : تزوّجن (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ) الإشارة إلى تزوّج الأمة أي إنما يجوز لمن خشي على نفسه الزنا ، لا لمن يملك نفسه (وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ) المراد الصبر عن نكاح الإماء ، وهذا يندب إلى تركه ، وعلته ما يؤدي إليه من استرقاق الولد (يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ) قال الزمخشري : أصله يريد الله أن يبين لكم فزيدت اللام مؤكدة لإرادة التبيين كما زيدت في لا أبالك لتأكيد إضافة الأب ، وقال الكوفيون اللام مصدرية مثل أن (وَيَهْدِيَكُمْ سُنَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ) أي يهديكم مناهج من كان قبلكم من الأنبياء والصالحين لتقتدوا بهم (وَاللهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ) كرر توطئة لفساد إرادة الذين يتبعون الشهوات ، وهم هنا الزناة عند مجاهد ، وقيل : المجوس لنكاحهم ذات المحارم ، وقيل : عام في كل متبع شهوة وهو أرجح (يُرِيدُ اللهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ) يقتضي سياق الكلام التخفيف الذي وقع في إباحة نكاح الإماء ، وهو مع ذلك عام في كل ما خفف الله عن عباده ، وجعل دينه يسرا (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) قيل : معناه لا يصبر على النساء ، وذلك مقتضى سياق الكلام ، واللفظ أعم من ذلك (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) يدخل فيه القمار والغصب