فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (٣٢) وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا (٣٣) الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيًّا كَبِيرًا (٣٤)
________________________________________________________
مع الرجال في الميراث ، وشاركناهم في الغزو. فنزلت نهيا عن ذلك ؛ لأن في تمنيهم ردّ على حكم الشريعة ، فيدخل في النهي تمني مخالفة الأحكام الشرعية كلها (لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) الآية : أي من الأجر والحسنات ، وقيل : من الميراث ، ويرده لفظ الاكتساب (وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ) الآية : في معناه وجهان ؛ أحدهما : لكل شيء من الأموال جعلنا موالي يرثونه ، فمما ترك على هذا بيان لكل ، والآخر : لكل أحد جعلنا موالي يرثون مما ترك الوالدان والأقربون ، فمما ترك على هذا : يتعلق بفعل مضمر ، والموالي : هنا الورثة والعصبة (وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) اختلف ؛ هل هي منسوخة أو محكمة؟ فالذين قالوا إنها منسوخة قالوا : معناها الميراث بالحلف الذي كان في الجاهلية ، وقيل : بالمؤاخاة التي آخى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بين أصحابه ، ثم نسخها : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ) [الأنفال : ٧٥] فصار الميراث للأقارب. والذين قالوا إنها محكمة ؛ اختلفوا ، فقال ابن عباس : هي المؤازرة والنصرة بالحلف لا في الميراث به ، وقال أبو حنيفة : هي في الميراث ، وأن الرجلين إذا والى أحدهما الآخر ، على أن يتوارثا صح ذلك ، وإن لم تكن بينهما قرابة (الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ) قوّام بناء مبالغة من القيام على الشيء والاستبداد بالنظر فيه ، قال ابن عباس : الرجال أمراء على النساء (بِما فَضَّلَ اللهُ) الباء للتعليل ، وما مصدرية ، والتفضيل بالإمامة والجهاد ، وملك الطلاق وكمال العقل وغير ذلك (وَبِما أَنْفَقُوا) هو : الصداق والنفقة المستمرة (فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ) أي النساء الصالحات في دينهن مطيعات لأزواجهن ، أو مطيعة لله في حق أزواجهن (حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ) أي تحفظ كل ما غاب عن علم زوجها ، فيدخل في ذلك صيانة نفسها وحفظ ماله وبيته وحفظ أسراره (بِما حَفِظَ اللهُ) أي بحفظ الله ورعايته ، أو بأمره للنساء أن يطعن الزوج ويحفظنه ، فما مصدرية أو بمعنى الذي (وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَ) قيل : الخوف هنا اليقين (فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَ) هذه أنواع من تأديب المرأة إذا نشزت على زوجها وهي على مراتب : بالوعظ في النشوز الخفيف ، والهجران فيما هو أشد منه ، والضرب فيما هو أشد ومتى انتهت عن النشوز بوجه من التأديب : لم يتعد إلى ما بعده ، والهجران هنا هو ترك مضاجعتها ، وقيل : ترك الجماع إذا ضاجعها ، والضرب غير مبرح (فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً) أي إذا أطاعت المرأة زوجها فليس له أن يؤذيها