مِنَ اللَّهِ شَيْئًا أُولَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَن يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ (٤١) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِن جَاءُوكَ فَاحْكُم بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَإِن تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَن يَضُرُّوكَ شَيْئًا وَإِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (٤٢) وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (٤٣) إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِن كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ (٤٤)
________________________________________________________
حد الزاني عندهم فقالوا : نجلدهما ونحمم وجوههما. فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم إن في التوراة الرجم ، فأنكروا ذلك ، فأمرهم أن يأتوا بالتوراة فقرأوها ، فجعل أحدهم يده على آية الرجم ، فقال له عبد الله بن سلام ارفع يدك فرفع ، فإذا آية الرجم فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم باليهودي واليهودية فرجما ، فمعنى قولهم إن أوتيتم هذا فخذوه : إن أوتيتم هذا الذي ذكرتم من الجلد والتحميم تسويد الوجه بالقار فخذوه واعملوا به ، وإن لم تؤتوه أفتاكم محمد صلىاللهعليهوسلم بغيره فاحذروا (فِتْنَتَهُ) أي ضلالته في الدنيا أو عذابه في الآخرة (فِي الدُّنْيا خِزْيٌ) الذلة والمسكنة والجزية (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) إن كان الأول في اليهود فكررها هنا تأكيدا ، وإن كان الأول في المنافقين واليهود فهذا في اليهود خاصة (أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ) أي للحرام من الرشوة والربا وشبه ذلك (فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ) هذا تخيير للنبي صلىاللهعليهوسلم في أن يحكم بين اليهود أو يتركهم وهو أيضا يتناول الحاكم ، وقيل إنه منسوخ بقوله : وأن احكم بينهم بما أنزل الله (وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ) الآية : استبعاد لتحكيمهم النبي صلىاللهعليهوسلم وهم لا يؤمنون به ، مع أنهم يخالفون حكم التوراة التي يدعون الإيمان بها ، فمعنى ثم يتولون من بعد ذلك أي : يتولون عن اتباع حكم الله في التوراة من بعد كون حكم الله فيها موجودا عندهم ، ومعلوما في قضية الرجم وغيرها (وَما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ) يعني : أنهم لا يؤمنون بالتوراة وبموسى عليهالسلام ، وهذا إلزام لهم لأن من خالف كتاب الله وبدّله فدعواه الإيمان به باطلة (النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا) هم الأنبياء الذين بين موسى ومحمد صلىاللهعليهوسلم ، ومعنى أسلموا هنا أخلصوا لله وهو صفة مدح أريد به التعريض باليهود ؛ لأنهم بخلاف هذه الصفة ، وليس المراد هنا الإسلام الذي هو ضد الكفر ؛ لأن الأنبياء لا يقال فيهم : أسلموا على هذا المعنى ، لأنهم لم يكفروا قط ، وإنما هو كقول إبراهيم عليهالسلام : أسلمت لرب العالمين ، وقوله تعالى فقل : أسلمت وجهي لله (لِلَّذِينَ هادُوا) متعلق بيحكم أي يحكم الأنبياء بالتوراة للذين هادوا ، ويحملونهم عليها ، ويتعلق بقوله فيه هدى ونور (بِمَا اسْتُحْفِظُوا) أي كلفوا حفظه ، والباء هنا سببية قاله الزمخشري ، ويحتمل أن تكون بدلا من المجرور في قوله يحكم بها (فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ) وما بعده خطابا لليهود ، ويحتمل أن تكون وصية للمسلمين يراد بها التعريض باليهود ، لأن ذلك من أفعالهم (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ