كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (٢٩) فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلَالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ (٣٠) يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (٣١) قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣٢) قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٣) وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (٣٤) يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٣٥) وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٦) فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ أُولَئِكَ يَنَالُهُمْ نَصِيبُهُم مِّنَ الْكِتَابِ حَتَّى إِذَا جَاءَتْهُمْ رُسُلُنَا يَتَوَفَّوْنَهُمْ قَالُوا أَيْنَ مَا كُنتُمْ تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ قَالُوا ضَلُّوا عَنَّا وَشَهِدُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ (٣٧) قَالَ ادْخُلُوا فِي
________________________________________________________
وقيل : فعل الصلاة والتوجه فيها (عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) أي في كل مكان سجود أو في وقت كل سجود ، والأول أظهر ، والمعنى إباحة الصلاة في كل موضع كقوله صلىاللهعليهوسلم : جعلت لي الأرض مسجدا (١) (كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ) احتجاج على البعث الأخروي بالبدأة الأولى (فَرِيقاً) الأول منصوب بهدى ، والثاني منصوب بفعل مضمر يفسره ما بعده (خُذُوا زِينَتَكُمْ) قيل : المراد به الثياب الساترة ، واحتج به من أوجب ستر العورة في الصلاة ، وقيل : المراد به الزينة زيادة على الستر كالتجمل للجمعة بأحسن الثياب وبالسواك والطيب (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا) الأمر فيهما للإباحة ، لأن بعض العرب كانوا يحرمون أشياء من المآكل (وَلا تُسْرِفُوا) أي لا تكثروا من الأكل فوق الحاجة ، وقال الأطباء : إن الطب كله مجموع في هذه الآية ، وقيل : لا تسرفوا بأكل الحرام (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ) إنكار لتحريمها هو ما شرعه الله لعباده من الملابس والمآكل ، وكان بعض العرب إذا حجوا يجرّدون الثياب ويطوفون عراة ، ويحرّمون الشحم واللبن ، فنزل ذلك ردّا عليهم (خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ) (٢) أي الزينة والطيب في الدنيا للذين آمنوا ولغيرهم ، وفي الآخرة خالصة لهم دون غيرهم ، وقرئ خالصة بالنصب على الحال ، والرفع على أنه خبر بعد خبر ، أو خبر ابتداء مضمر (وَالْإِثْمَ) عام في كل ذنب (وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ) أي تفتروا عليه في التحريم وغيره ف (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ) هي إن الشرطية دخلت عليها ما الزائدة للتأكيد ، ولزمتها النون الشديدة المؤكدة ، وجواب الشرط فمن اتقى الآية (فَمَنْ أَظْلَمُ) ذكر في الأنعام (يَنالُهُمْ نَصِيبُهُمْ مِنَ الْكِتابِ) أي يصل إليهم ما كتب لهم من الأرزاق وغيرها (ضَلُّوا عَنَّا) أي غابوا (ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ)
__________________
(١). رواه أحمد عن أبي هريرة ج ٢ ص ٣١٥
(٢). خالصة بالضم هي قراءة نافع وبالنصب قرأ الباقون.