فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقَالَ يَا قَوْمِ لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَكَيْفَ آسَى عَلَى قَوْمٍ كَافِرِينَ (٩٣) وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ (٩٤) ثُمَّ بَدَّلْنَا مَكَانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ حَتَّى عَفَوا وَّقَالُوا قَدْ مَسَّ آبَاءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ فَأَخَذْنَاهُم بَغْتَةً وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ (٩٥) وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٩٦) أَفَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا بَيَاتًا وَهُمْ نَائِمُونَ (٩٧) أَوَأَمِنَ أَهْلُ الْقُرَى أَن يَأْتِيَهُم بَأْسُنَا ضُحًى وَهُمْ يَلْعَبُونَ (٩٨) أَفَأَمِنُوا مَكْرَ اللَّهِ فَلَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ (٩٩) أَوَلَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِن بَعْدِ أَهْلِهَا أَن لَّوْ نَشَاءُ أَصَبْنَاهُم بِذُنُوبِهِمْ وَنَطْبَعُ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ (١٠٠) تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَائِهَا وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ (١٠١) وَمَا وَجَدْنَا لِأَكْثَرِهِم مِّنْ عَهْدٍ وَإِن وَجَدْنَا أَكْثَرَهُمْ لَفَاسِقِينَ (١٠٢) ثُمَّ بَعَثْنَا مِن بَعْدِهِم مُّوسَى بِآيَاتِنَا إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ فَظَلَمُوا بِهَا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (١٠٣) وَقَالَ مُوسَى يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (١٠٤) حَقِيقٌ عَلَى أَن لَّا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُم
________________________________________________________
(فَكَيْفَ آسى عَلى قَوْمٍ كافِرِينَ) أي كيف أحزن عليهم وقد استحقوا ما أصابهم من العذاب بكفرهم (بِالْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ) قد تقدم (بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ) أي أبدلنا البأساء والضراء بالنعيم اختبارا لهم في الحالتين (حَتَّى عَفَوْا) أي كثروا ونموا في أنفسهم وأموالهم (قالُوا قَدْ مَسَّ آباءَنَا الضَّرَّاءُ وَالسَّرَّاءُ) أي قد جرى ذلك لآبائنا ولم يضرهم فهو بالاتفاق لا بقصد الاختبار (بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) أي بالمطر والزرع (أَوَأَمِنَ) من قرأ بإسكان الواو (١) فهي أو العاطفة ، ومن قرأ بفتحها فهي واو العطف دخلت عليها همزة التوبيخ كما دخلت على الفاء في قوله أفأمنوا مكر الله : أي استدراجه وأخذه للعبد من حيث لا يشعر (أَوَلَمْ يَهْدِ) أي أو لم يتبين (لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ) أي يسكنونها (أَنْ لَوْ نَشاءُ) هو فاعل أو لم يهد ، ومقصود الآية الوعيد (وَنَطْبَعُ عَلى قُلُوبِهِمْ) عطف على أصبناهم لأنه في معنى المستقبل ، أو منقطع على معنى الوعيد وأجاز الزمخشري أن يكون عطفا على يرثون الأرض أو على ما دل عليه معنى أو لم يهد كأنه قال يغفلون عن الهداية ونطبع على قلوبهم (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ) الضمير لأهل القرى والمعنى وجدناهم ناقضين للعهود (حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَ) من قرأ عليّ بالتشديد (٢) على أنها ياء المتكلم فالمعنى ظاهر ، وهو أن موسى قال حقيق عليه أن لا يقول على الله إلا الحق ، وموضع أن لا أقول على هذا رفع ، على أنه خبر حقيق ، وحقيق مبتدأ أو بالعكس ومن قرأ على
__________________
(١). هي قراءة نافع وابن كثير وابن عامر وقرأ الباقون : أو : بفتحتين.
(٢). هي قراءة نافع وقرأ الباقون : على بالتخفيف.