وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (١٣٠) فَإِذَا جَاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قَالُوا لَنَا هَذِهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ أَلَا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِندَ اللَّهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٣١) وَقَالُوا مَهْمَا تَأْتِنَا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِّتَسْحَرَنَا بِهَا فَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (١٣٢) فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكَانُوا قَوْمًا مُّجْرِمِينَ (١٣٣) وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ قَالُوا يَا مُوسَى ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَائِيلَ (١٣٤) فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلَى أَجَلٍ هُم بَالِغُوهُ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ (١٣٥) فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ (١٣٦) وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ
________________________________________________________
يشاء من عباده ، ثم صرح في قوله : عسى ربكم الآية (فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) حض على الاستقامة والطاعة. بالسنين : أي الجدب والقحط (فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ) الآية : إذا جاءهم الخصب والرخاء قالوا : هذه لنا وبسعدنا ، ونحن مستحقون له وإذا جاءهم الجدب والشدة تطيروا بموسى : أي قالوا هذه بشؤمه ، فإن قيل : لم قال إذا جاءتهم الحسنة بإذا وتعريف الحسنة وإن تصبهم سيئة بإن وتنكير السيئة؟
فالجواب : أن وقوع الحسنة كثير ، والسيئة وقوعها نادر فعرف الكثير الوقوع باللام التي للعهد ، وذكره بإذا لأنها تقتضي التحقيق وذكر السيئة بإن لأنها تقتضي الشك ونكرها للتعليل (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) أي إنما حظهم ونصيبهم الذي قدر لهم من الخير والشر عند الله ، وهو مأخوذ من زجر الطير ، ثم سمي به ما يصيب الإنسان. ومقصود الآية الرد عليهم فيما نسبوا إلى موسى من الشؤم. مهما هي ما الشرطية ضمت إليها ما الزائدة نحو أينما ، ثم قلبت الألف هاء ، وقيل : هي اسم بسيط غير مركب. والضمير في به يعود على مهما ، وإنما قالوا : من آية على تسمية موسى لها آية ، أو على وجه التهكم (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ) روي أنه كان مطرا شديدا دائما مع فيض النيل حتى هدم بيوتهم ، وكادوا يهلكون وامتنعوا من الزراعة وقيل هو الطاعون (وَالْجَرادَ) هو المعروف أكل زروعهم وثمارهم حتى أكل ثيابهم وأبوابهم وسقف بيوتهم (وَالْقُمَّلَ) قيل هي صغار الجراد ، وقيل : البراغيث ، وقيل : السوس ، وقرئ القمل بفتح القاف والتخفيف ، فهي على هذا القمل المعروف ، وكانت تتعلق بلحومهم وشعورهم (وَالضَّفادِعَ) هي المعروفة كثرت عندهم حتى امتلأت بها فرشهم وأوانيهم وإذا تكلم أحدهم وثبت الضفدع إلى فمه (وَالدَّمَ) صارت مياههم دما فكان يستسقي من البئر القبطي والإسرائيلي في إناء واحد فيخرج ما يلي القبطي دما ، وما يلي الإسرائيلي ماء (وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ) أي العذاب وهي الأشياء المتقدمة وكانوا مهما نزل بهم أمر منها عاهدوا موسى على أن يؤمنوا به إن كشفه عنهم ، فلما كشفه عنهم نقضوا العهد وتمادوا على كفرهم (بِما عَهِدَ عِنْدَكَ) بدعائك إليه ووسائلك ، والباء تحتمل أن تكون للقسم وجوابه لنؤمنن لك أو يتعلق بادع لنا أي توسل إليه بما عندك (فِي الْيَمِ) البحر حيث وقع (الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ) هم بنو