.................................................................................................
______________________________________________________
لك منه ، فأدخلني كنيسة فإذا تراب عظيم ملقى ، فجاءني بزنبيل ومجرفة فقال لي : أنقل ما هاهنا فجعلت أنظر كيف أصنع ، فلما كان من الهاجرة وافاني وعليه ثوب أرى سائر جسده منه ، فقال : أإنك على ما أرى ما نقلت شيئا ، ثم جمع يديه فضرب بهما دماغي فقلت : واثكل أمك يا عمر ، أبلغت ما أرى ثم وثبت إلى المجرفة فضربت بها هامته فنشرت دماغه ثم واريته في التراب وخرجت على وجهي لا أدري أين أسير ، فسرت بقية يومي وليلتي من الغد إلى الهاجرة فانتهيت إلى دير فاستظللت بفنائه فخرج إليّ رجل منه فقال لي يا عبد الله ما يقعدك هنا؟ فقلت : أضللت أصحابي ، فقال لي ما أنت على طريق وإنك لتنظر بعيني خائف ، فادخل فأصب من الطعام واسترح. فدخلت فأتاني بطعام وشراب وأطعمني ، ثم صعد فيّ النظر وصوّبه ، فقال : قد علم والله أهل الكتاب أنه ما على الأرض أعلم بالكتاب مني ، وإني لأرى صفتك الصفة التي تخرجنا من هذا الدير ، وتغلبنا عليه ، فقلت : يا هذا لقد ذهبت بي في غير مذهب ، فقال لي ما اسمك فقلت عمر بن الخطاب ، فقال : أنت والله صاحبنا ، فاكتب لي على ديري هذا وما فيه ، فقلت : يا هذا إنك قد صنعت إليّ صنيعة فلا تكررها ، فقال إنما هو كتاب في رق ، فإن كنت صاحبنا فذلك ، وإلا لم يضرك شيء فكتب (١) له على ديره وما فيه ، فأتاني بثياب ودراهم فدفعها إليّ ثم أوكف أتانا فقال لي : أتراها فقلت : نعم ، قال سر عليها ، فإنك لا تمر بقوم إلا سقوها وعلفوها وأضافوك ، فإذا بلغت مأمنك فاضرب وجهها مدبرة فإنهم يفعلون بها كذلك حتى ترجع إليّ. قال فركبتها فكان كما قال ، حتى لحقت بأصحابي وهم متوجهون إلى الحجاز ، فضربتها مدبرة وانطلقت معهم.
فلما وافى عمر الشام في زمان خلافته جاءه ذلك الراهب بالكتاب وهو صاحب دير العرس فلما رآه عرفه ، فقال : قد جاء ما لا مذهب لعمر عنه ، ثم أقبل على أصحابه فحدثهم بحديثه فلما فرغ منه أقبل على الراهب فقال : هل عندكم من نفع للمسلمين ، قال : نعم يا أمير المؤمنين ، قال إن أضفتم المسلمين ومرضتموهم وأرشدتموهم فعلنا ذلك. قال : نعم يا أمير المؤمنين فوفى له عمر رضي الله عنه ورحمه.
وعن سيف يرفعه إلى سالم بن عبد الله قال : لما دخل عمر الشام تلقاه رجل من يهود دمشق فقال : السلام عليك يا فاروق ، أنت صاحب إيلياء ؛ والله لا ترجع حتى يفتح الله إيلياء.
ومن ذلك أن عمرو بن العاصي قدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلّى الله تعالى عليه واله وسلّم ، وكان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم قد أرسله إلى عمان واليا عليها ، فجاءه يوما يهودي من يهود عمان فقال له : أنشدك بالله ، من أرسلك إلينا؟ فقال له : رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقال اليهودي : والله إنك لتعلم أنه رسول الله ؛ قال عمرو : نعم ، فقال اليهودي :
__________________
(١). الصواب : فكتبت.