بين طعنة برمح وضربةٍ بسيف .
وقد طلبت أم سعد منها أن تروي لها ما جرى عليها في أحد ، فقالت : خرجت أول النهار إلى أُحد وأنا أنظر ما يصنع الناس ، ومعي سقاء فيه ماء ، فانتهيت إلى رسول الله ( ص ) في الصحابة والدُوَلَة للمسلمين ، فلما انهزم المسلمون ، إنحزت إلى رسول فجعلت أباشر القتال ، وأذب عن رسول الله بالسيف وأرمي بالقوس ، حتى أصابتني الجراحات .
تقول أم سعد : فرأيت على عاتقها جرحاً أجوف له غور ، فقلت : يا أم عمارة ، من أصابكِ بهذا الجرح ؟
قالت : لقد أقبل ابن قمئة ـ وقد ولى الناس عن رسول الله ( ص ) ـ وهو يصيح : دلوني على محمد لا نجوت إن نجا ! فاعترضه مصعب بن عمير وناس معه كنتُ فيهم ، فضربني هذه الضربة ، ولقد ضربته ضربات ، ولكن عدو الله كان عليه درعان . (١)
وهذه المرأة ، هي التي أعطاها النبي ( ص ) وسام شرفٍ حين قال : « لمقام نسيبة بنت كعب اليوم خير من مقام فلان وفلان » . (٢)
لقد وقف أولئك الأبطال الأشاوس أعظم موقف في سبيل الدفاع عن الحق وعن العقيدة ، فسطروا بدمائهم أروع ملحمةٍ تاريخية كان رائدهم فيها الصدق والإِخلاص ، صدق الإِيمان وصدق العقيدة ، والإِخلاص فيما عاهدوا الله عليه ، وقد بلغ عدد الذين استشهدوا من المسلمين نحواً من سبعين رجلاً .
أما
الذين ثبتوا مع رسول الله في ساعة العسرة فإنهم لم يتجاوزوا السبعة نفر فإن جمهور المؤرخين يروي : انه لم يبق مع النبي صلّى الله عليه وآله إلا علي
____________________
(١) : شرح النهج ١٤ / ٢٦٦ .
(٢) : شرح النهج ٥ / ٥٤ .