لابَتْيها . (١)
ثم نادى : الفَزَعْ ! الفَزَعْ ! ثلاثاً * ثم وقف واقفاً على فرسه حتى طلع رسول الله ( ص ) في الحديد مُقَنّعاً فوقف واقفاً . فكان أول من أقبل إليه المقداد بن عمرو ، عليه الدرع والمغفر شاهراً سيفه . فعقد له رسول الله (ص) لواءً في رمحه ، وقال :
امضِ حتى تلحقك الخيول ، ونحن على أثَرِك .
قال
المقداد : فخرجت وأنا أسال الله الشهادة حتى أدرك اخريات العدو ، وقد أذمَّ (٢) بهم فرس لهم فاقتحم فارسه وردف أحد
أصحابه ، فأخذُ الفرس المذّم فإذا هو ضَرع (٣) أشقر ، عتيق ، لم يقوَ على العدو ، وقد غدوا عليه من أقصى الغابة فحسِرْ (٤) فأربط في عنقه قطعة وترٍ وأخليّه ، وقلت : إن مرَّ به أحد فأخذه جئته بعلامتي فيه ، فأدرك مسعدةَ فأطعنه برمح فيه اللواء ، فزلَّ الرمح وعطف علي بوجهه فطعنني ، وآخذُ المرحَ بعضدي فكسرته ، وأعجزني هرباً ، وأنصبُ لوائي ، فقلت : يراه أصحابي ! ويلحقني أبو قتادة معلماً بعمامةٍ صفراء على فرس له ، فسايرته ساعةً ونحن ننظر إلى دبر (٥) مسعدة فاستحث فرسه ، يعني أبو قتادة ـ فتقدم على فرسي ، فبان سبقه ، فكان أجود من فرسي حتى غاب عني فلا أراه . ثم ألحقه فإذا هو ينزع بردته ، فصحت : ما تصنع ؟ قال : خيراً ، أصنعُ كما
____________________
(١) : يا صباحاه : كلمة كان العرب يستعملونها لإِستنفار الناس فيما إذا دهمتهم غارةٌ . و « لابتيها » كناية عن انه اسمع جميع من في المدينة .
* : في السيرة النبوية : وبلغ رسول الله صياح ابن الأكوع ، فصرخ بالمدينة : الفزع ! الفزع إلخ ( ٣ ـ ٧٦ ) وأظنه أشتباه ، لأن مثل هذا بعيد على النبي ( ص ) .
(٢) : أذّم : أعيى وتأخر .
(٣) : الضرع : الضعيف .
(٤) : حسرْ : تعب وأعيا .
(٥) : الدبر : من الأدبار وهو الهرب .