بذلك ، ويظهرون له وّدهم وإخلاصهم ، فأشاروا عليه بأن يولي ولده عبد الله !
فقال لهم : « لا هالله ، إذن لا يليها رجلان من ولد الخطاب ، حسبُ عمر ما حمل ، حسب عمر ما احتقب ، لا هالله ، لا أتحملها حياً وميتاً ! » .
ومرة ثانية يأتيه الناس ، فيقولون له : يا أمير المؤمنين لو عهدتَ ؟
فيقول لهم : قد كنت أجمعت بعد مقالتي لكم ، أن أولي رجلاً أمركم ، أرجو أن يحملكم على الحق ـ وأشار الى علي ـ ثم رأيت أن لا أتحملها حيّاً وميتاً .
ومرةً أخرى يتأوه ويتذمر فيقول : لو كان أبو عبيدة حياً لاستخلفته . . . ! لو كان معاذ بن جبل حياً لإِستخلفته . . لو كان خالد بن الوليد حياً لإستخلفته !! ثم يعلل ذلك بأن : أبو عبيدة أمين هذه الأمة ، ومعاذ بن جبل يأتي بين يدي العلماء يوم القيامة ! وخالد بن الوليد سيف من سيوف الله . . ! كما سمع هو من النبي ( ص ) في حقهم . . (١)
ثم أرتأى أن يجعلها في ستةٍ من المسلمين ، وهم : علي ، وطلحة ، وعثمان ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، موهماً أنه بذلك يخرج عن تحمل تبعاتها ومسؤولياتها ، وفي غمرة المسؤولية وقع حين حصرها في هؤلاء الستة حصراً لا يمكن فكه حسبما خطط . !
المهم ، أنه استدعى هؤلاء الستة ، فدخلوا عليه وهو ملقىً على فراشه يجود بنفسه ، فنظر إليهم فقال : أكلكم يطمع في الخلافة بعدي ؟! فوجموا . فقال لهم ثانيةً .
فأجابه الزبير ، وكأن استشعر السخرية في سؤاله ، فقال :
____________________
(١) : راجع الإِمامة والسياسة ١ / ٢٨ .